فصل: ومن المسائل والغرائب والفوائد عن أبي عاصم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: طبقات الشافعية الكبرى **


290 محمد بن أحمد بن شاكر القطان أبو عبد الله المصري

الذي جمع ما انتهى إليه من فضائل الشافعي رضي الله عنه

روى عن عبد الله بن جعفر بن الورد والحسن بن رشيق وجماعة

روى عنه القاضي أبو عبد الله القضاعي وأبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال وجماعة

توفي في المحرم سنة سبع وأربعمائة

291 محمد بن أحمد بن شاده بن جعفر أبو عبد الله الأصبهاني القاضي الروذدشتي

القاضي بدجيل

قال ابن السمعاني تفقه على مذهب الشافعي وكان رضي السيرة في القضاء

سمع أبا عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي الفارسي وأبا الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد البزاز

ثم قال روى لنا عنه بن عبد الباقي البزاز ويجيى بن علي الطراح

مات سنة أربع وستين وأربعمائة

292 محمد بن أحمد بن شعيب

وبخط شيخنا الذهبي أبي شعيب بن عبد الله بن الفضل بن عقبة أبو منصور الروياني

نزيل بغداد

سمع ابن كيسان النحوي وسهل بن أحمد الديباجي

روى عنه الخطيب

مات في شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وأربعمائة

293 محمد بن أحمد بن العباس الفارسي القاضي أبو بكر البيضاوي

كان إماما جليلا له الرتبة الرفيعة في الفقه وله معرفة بالأدب صنف في كل منهما وكان يعرف بالشافعي

واعلم أن البيضاوي في هذه الطبقة من أصحابنا ثلاثة هذا القاضي وختن القاضي أبي الطيب الطبري وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد شيخ أبي إسحاق الشيرازي سيردان ولم يذكر الشيخ أبو إسحاق في كتابه غير شيخه

وأبو بكر هذا هو مصنف التبصرة في الفقه مختصر هو عندي وله عليه كتابان أحدهما الأدلة في تعليل مسائل التبصرة ذكر ابن الصلاح أنه وقف عليه والثاني التذكرة في شرح التبصرة وقفت أنا عليه وهو في مجلدين ذكر في خطبته أنه لما حصل بفرج سنة إحدى وعشرين وأربعمائة سئل فيه وقال في آخره صنفت هذا الكتاب بقرح عند رجوعي من بارم ولم يكن معي كتاب أعتمد في شيء عليه أو أرجع في وقت إليه وارتفع ذلك في مدة أربعة أشهر مع توفري كل يوم على التدريس ومذاكرة الجماعة إلى نصف النهار وكفى بالله ثم الشيوخ الشاهدين تأليفي هذا الكتاب على ما قلته شهيدا وانتهى الكتاب في الرابع عشر من شوال سنة إحدى وعشرين وأربعمائة

هذا نص كلامه وهو شرع حسن فيه فوائد

وله أيضا على ما ذكر ابن الصلاح كتاب الإرشاد في شرح كفاية الصيمري

ولم يذكره الخطيب في تاريخ بغداد إما لأنه لم يدخلها أو أنه لا رواية له أو لغير ذلك وإنما ذكر البيضاوي الآخر محمد بن عبد الله

ذكر نخب وفوائد من مصنفات هذا الرجل

أما تعليل مسائل التبصرة فلم أقف عليه إلى الآن ووقف عليه ابن الصلاح وذكر أنه ذكر فيه أن الحائض لو قالت أنا أتبرع بقضاء ما فات من الصلوات في أيام الحيض قلنا لا يجوز ذلك بل تصلين ما أحببت من النوافل فأما قضاء ذلك فلا

واحتج بأن أمرأة ذكرت مثل ذلك لعائشة رضي الله عنها فنهتها وقالت أحرورية أنت

قال ابن الصلاح وصحح في كتاب الإرشاد القول بأن رب الدار أولى بالإمامة من السلطان وهو قول الشافعي

قلت وسيأتي في الطبقة السادسة في ترجمة القاضي ابن شداد تفصيله بين الجمعة والعيد وغيرهما وقوله إنما يكون الإمام أولى بالجمعة والعيد وكان الخطابي سبقه إليه

قلت ولا موقع لهذا التفصيل فإن الجمعة والعيد لا يكونان في دار حتى يقال السلطان أولى من رب الدار وإنما الكلام فيما يقام في الدور فهو في الحقيقة قول بأن رب الدار أولى كما صححه هذا البيضاوي رضي الله تعالى عنه

مسألة الصيغة في الشهادة على الزنا

قد علم أن الشافعي رضي الله عنه ذكر في صيغتها أن الشاهد يقول دخول المردود في المكحلة إذ قال في مختصر المزني في باب حد الزنا ولا يجوز على الزنا واللواط وإتيان البهائم إلا أربعة يقولون رأينا ذلك منه يدخل في ذلك منها دخول المردود في المكحلة انتهى

وكذا قال رضي الله عنه في الأم والتصريح به أن يقولوا رأينا ذلك منه يدخل في ذلك منها دخول المردود في المكحلة إلى أن قال فإذا صرحوا بذلك فقد وجب الحد

قال ابن الرفعة وقد صار إلى ذلك الفوراني ولم يحك في إبانته غيره

ويوافقه قول القاضي الحسين وقد قيل إن ذلك التشبيه واجب كأنه لما غلظ بالعدد غلظ بالتشبيه ليكون أبلغ

قال ولكن الذي ذكره القاضي أبو الطيب أنه يكفي أن يقول أولج ذكره في فرجها وإن ذكر كالمردود في المكحلة والإصبع في الخاتم والرشاء في البئر كان آكد وهذا ما أورده الرافعي لا غير وعزاه إلى القاضي أبي سعيد

انتهى كلام ابن الرفعة ملخصا

وأقول أما اقتصار الفوراني في إبانته على ذكر هذا التشبيه فقد اقتصر عليه أيضا الماوردي في الحاوي والبغوي في التهذيب والغزالي لكن من تأمل كلامهم لم يجده نصا في تعيين هذه اللفظة أعني لفظة التشبيه وقد تركها أبو علي بن أبي هريرة فلم يذكرها في تعليقته بل اقتصر على قوله ولا بد أن يقولوا رأيناه يزني بها ورأينا ذلك منه في ذلك منها

انتهى

وكذلك فعل المحاملي في كتاب المقنع وغير واحد لم يذكر أحد منهم لفظ المرود في المكحلة بالكلية

وصرح صاحب الشامل بأن أصحابنا قالوا إذا قال رأيت ذكره في فرجها كفى والتشبيه تأكيد

انتهى

وتبعه صاحب البحر فقال قال أصحابنا ولو قال رأينا ذكره غاب في فرجها أجزأهم ولا يحتاجون إلى قولهم مثل المرود في المكحلة لأنه صريح في هذا المعنى فإن ذكروه كان تأكيدا

انتهى

وأفاد قبيل ذلك أن قول الشافعي ذلك منه في ذلك منها تحسين للعبارة والمراد التصريح بما يحقق المراد

وهذه عبارته قال الشافعي ثم يتفهم الحاكم حتى يثبتوا أنهم رأوا ذلك منه يدخل في ذلك منها دخول المرود في المكحلة وهذا تحسين للعبارة من جهة السلف فأما رسول الله قنع إلا بصريح العبارة

انتهى فدل أن المراد تحقيق الإيلاج خشية أن يظن المفاخذة زنا لا أنا متعبدون بلفظ المرود والمكحلة على خلاف ما يتسارع إلى الفهم من كلام الشافعي

ومن جرى على ظاهر نصه فليحمل كلام من أطلق على ما فسره القاضي أبو الطيب والقاضي أبو سعد ونقله ابن الصباغ والروياني عن الأصحاب من أن لفظ المرود والمكحلة غير شرط وإنما المراد الإيضاح دون التقيد به

وأما قول ابن الرفعة إن القاضي الحسين قال وقد وقد قيل إن ذلك واجب فكأنه مستخرج في المسألة خلافا

وقد كشفت فوجدت الخلاف مصرحا به في كلام القاضي أبي بكر البيضاوي

قال في باب الشهادة على الزنا من كتابه شرح التبصرة ما نصه قال الشافعي رحمه الله كدخول المرود في المكحلة فمن أصابنا من قال ذلك على الوجوب وإذا لم يقولوا ذلك لم تتم الشهادة والأصح أنه إذا قالوا نشهد أنه زنى بها ورأينا الذكر منه قد دخل في الفرج بها تمت الشهادة لأن الباقي تشبيه والتشبيه ليس من تمام الشهادة كما لو شهدوا أن ذلك ذبح فلانا فلا يحتاج أن يقولوا كما يذبح القصاب الشاة انتهى

فخرج في المسألة وجهان مصرح بهما بنقل هذا الإمام الثبت وأصحهما كما ذكر وهو الذي عزا إلى الأصحاب عدم الاحتياج وحمل ما وقع في كلام الشافعي على الإيضاح لا التقيد

وما وقع في كلام الشافعي وفي رواية أبي داود في حديث ماعز فإن رسول الله له ‏(‏ أنكتها ‏)‏ قال نعم

قال ‏(‏ حتى غاب ذلك منك في ذلك منها ‏)‏ قال نعم

قال كما يغيب الميل في المكحلة والرشاء في البئر قال نعم

الحديث

ولفظ الرشاء في البئر لم يقع في كلام الشافعي فدل أنه لم يفهم منه تعين هذه الألفاظ

نعم أنا أقول ينبغي أن يتعين لفظ النيك بصريح النون والياء والكاف فإني وجدته في غالب الروايات

وفي لفظ الصحيحين قال أنكتها لا يكنى

قال نعم الحديث

ولا أجد في الصراحة ما هو بالغ مبلغ لفظ النيك وقد كان رسول الله أشد الناس حياء وأشد حياء من العذر في خدرها فلولا تعين هذه اللفظة لما نطقت بها شفتاه

هذا ما يترجح عندي وإن لم أجده في كلام الأصحاب ولكن كلامهم لا يأباه ولعلهم كنوا عنه بقولهم ذلك منه في ذلك منها ويرشد إلى هذا قول الروياني إنهم حسنوا العبارة وإن رسول الله يقنع إلا بصريح العبارة فما لنا أن نقنع إلا بما قنع به رسول الله

واعلم أن أكثر الأصحاب إنما أوردوا تبعا للشافعي هذه المسألة في حد الزنا والغزالي أوردها في الشهادات فتبعه الرافعي ومن تابعه

294 محمد بن أحمد بن عبد الباقي بن الحسن بن محمد بن طوق أبو الفضائل الربعي الموصلي

تفقه على الماوردي وأبي إسحاق الشيرازي

وسمع الحديث من أبي إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي والقاضي أبي الطيب الطبري وأبي القاسم التنوخي وأبي طالب بن غيلان والحسن بن علي الجوهري وغيرهم

روى عنه هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي وأبو الفتيان الرواسبي وإسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ وكثير بن سماليق وأبو نصر الحديثي الشاهد وآخرون

وكتب الكثير بخطه

مات في مستهل صفر سنة أربع وتسعين وأبعمائة ودفن في مقبرة الشونيزي

295 محمد بن أحمد بن عيسى بن عبد الله القاضي أبو الفضل السعدي البغدادي راوي معجم الصحابة للبغوي عن ابن بطة العكبري

تفقه على الشيخ أبي حامد

وسمع أبا بكر بن شاذان وأبا طاهر المخلص وابن بطة وغيرهم بعدة بلاد

وسكن مصر وروى عنه جماعة

توفي سنة إحدى وأربعين وأربعمائة

296 محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل أبو الحسين الضبي المحاملي

سمع إسماعيل الصفار وعثمان السماك والنجاد

قال الدارقطني حفظ القرآن والفرائض ودرس مذهب الشافعي وكتب الحديث وهو عندي ممن يزداد كل يوم خيرا

قال الخطيب مولده سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة

ومات في رجب سنة سبع وأربعمائة

297 محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عباد الهروي الإمام الجليل القاضي أبو عاصم العبادي

صاحب الزيادات وزيادات الزيادات والمبسوط والهادي وأدب القضاء الذي شرحه أبو سعد الهروي في كتابه الإشراف على غوامض الحكومات وله أيضا طبقات الفقهاء وكتاب الرد على القاضي السمعاني كذا رأيت في فصل ابن باطيش وغير ذلك

كان إماما جليلا حافظا للمذهب بحرا يتدفق بالعلم وكان معروفا بغموض العبارة وتعويص الكلام ضنة منه بالعلم وحبا لاستعمال الأذهان الثاقبة فيه

مولده سنة خمس وسبعين وثلاثمائة

أخذ العلم عن أربعة القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزدي بهراة والقاضي أبي عمر البسطامي والأستاذ أبي طاهر الزيادي وأبي إسحاق الإسفرايني بنيسابور

قال القاضي أبو سعد الهروي لقد كان يعني أبا عاصم أرفع أبناء عصره في غزارة نكت الفقه والإحاطة بغرائبه عمادا وأعلاهم فيه إسنادا

قال وتعليق الكلام كان من عادته التي لم يصادف على غيرها في مدة عمره

قال والمحصلون وإن أزروا عليه تغميض الكلام وتحروا الإيضاح عليه لكن جيلا من العلماء الأولين عمدوا على التغميض وفضلوه على الإيضاح وكأنهم ضنوا بالمعاني التي هي الأعلاق النفيسة على غير أهلها

ثم قال مع أن السبب الذي دعاه إلى التغليق وحمله على التغميض أنه كان من المتلقنين على الإمام أبي إسحاق الإسفرايني ومن تصفح مصنفات أبي إسحاق لا سيما تجربة الأفهام في الفقه ألفاها على شدة الغموض والإغلاق

واعلم أن الأستاذ أبا إسحاق أعدى الشيخ أبا عاصم بدائه وذهب به في مذهب الإيضاح عن سوائه

انتهى كلام أبي سعد

روى أبو عاصم عن أبي بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم بن سهل القراب وغيره

وروى عنه إسماعيل بن أبي صالح المؤذن

مات في شوال سنة ثمان وخمسين وأربعمائة عن ثلاث وثمانين سنة

ومن الرواية عنه وهي عزيزة

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن قيم الضيائية قراءة عليه وأنا أسمع بقاسيون أخبرنا أبو الحسين علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي سماعا أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن أبي المطهر القاسم بن الفضل الصيدلاني إجازة أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن الحافظ أبي صالح أحمد بن عبد الملك النيسابوري أخبرنا الشيخ الإمام أبو عاصم محمد بن أحمد بن محمد العبادي الهروي أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن سهل القراب أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد بن علي بن رزين الباشاني حدثنا عبد الجبار بن العلاء حدثنا سفيان حدثنا عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال قال رجل يا رسول الله من أحق الناس مني بحسن الصحبة قال أمك

قال ثم من قال أمك

قال ثم من

قال أبوك

فكانوا يرون أن للأم الثلثين وللأب الثلث

رواه البخاري في الأدب عن قتيبة عن جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة به

وقال في عقبه وقال عبد الله بن شبرمة ويحيى بن أيوب حدثنا أبو زرعة مثله

رواه مسلم عن قتيبة وزهير كلاهما عن جرير عن عمارة بن القعقاع به

وعن أبي بكر بن أبي شيبة عن شريك

وعن أبي كريب عن محمد بن فضيل عن أبيه كلاهما عن عمارة بن القعقاع به

وأخرجه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة

وبه قال وحدثنا سفيان عن زائدة عن عبد الله الملك بن عمير عن ربعي عن حذيفة قال قال رسول الله ‏(‏ اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ‏)‏

أخرجه الترمذي عن الحسن بن الصباح البزار عن سفيان بن عيينة عن زائدة به

وعن أحمد بن منيع وغير واحد كلهم عن سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير نحوه

وقال الحسين وكان سفيان يدلس في هذا فربما ذكر زائدة وربما لم يذكره وروي بإسناد أتم من هذا وهو هكذا سفيان عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن هلال مولى ربعي عن ربعي

ورواه ابن ماجة عن علي بن محمد عن وكيع

وعن ابن بشار عن مؤمل كلاهما عن سفيان الثوري به

وبه قال حدثنا سفيان قال حدثني عبد ربه عن عمرة عن عائشة أن النبي يقول ‏(‏ بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفي سقيمنا بإذن ربنا ‏)‏

أخرجه البخاري عن علي بن عبد الله

وعن صدقة بن الفضل المروزي

ومسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن أبي عمر

وأبو داود عن زهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة

والنسائي عن أبي قدامة السرخسي

وابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة

سبعتهم عن سفيان بن عيينة عن عبد ربه بن سعيد به

ومن المسائل والغرائب والفوائد عن أبي عاصم

قال في الزيادات تعلم القدر الزائد من القرآن على ما تصح به الصلاة أفضل من صلاة التطوع لأن حفظه واجب على الأمة ‏)‏

وقال المريض إذا كانت عليه زكاة ولا مال له يعزم على أن يؤدى إن قدر على ما فرط ولا يستقرض لأنه دين وقال شاذان بن إبراهيم يستقرض لأن حق الله تعالى أحق

وقال إذا أولج قبل الصبح فخشى فنزع وطلع الصبح فأمنى لم يفسد صومه وهو بمنزلة الاحتلام

وقال الوصي إذا أدى الموصي به من ماله ليرجع في التركة جاز إن كان وارثا وإن لم يكن يعد ولا يرجع لأن الدين لا يثبت في ذمة الميت

وفي زيادات الزيادات على أبي عاصم فيمن وكل وكيلين بقبول نكاح امرأة له وله أخوان فزوج كل أخ من وكيل ووقع العقدان معا قال بأن يفرض أنهما تكلما بالعقد والمؤذن يقول الله أكبر وفرغ كل منهما عند بلوغه حرف الراء إن العقد باطل لأن الزوج وإن كان واحدا فالإيحاب والقبول مختلفان لأن الموجب لأحد الوكيلين لو قبله منه الثاني لم يصح فسقطا

قلت المسألة مسطورة في الرافعي والصحيح فيها الصحة غير أنه وقع في الرافعي أن أبا الحسن العبادي حكى عن القاضي وغيره البطلان فربما توهم من لا خبرة له أن القاضي هو القاضي الحسين

وأغرب من ذلك أن النووي أسقط في الروضة لفظ أبي الحسن واقتصر على ذكر العبادي والعبادي إذا أطلق لا يتبادر الذهن منه إلا إلى أبي عاصم نفسه فربما توهم أيضا أن أبا عاصم نقل ذلك عن القاضي الحسين وأبو عاصم أقدم من القاضي الحسين ولادة ووفاة وإنما القاضي المشار إليه فيما اعتقد هو القاضي أبو عاصم نفسه ولده أبو الحسن إذا أطلق القاضي فإنما يعني أباه ولعل ذلك خفي على الرافعي وإلا فكان يحسن أن يقول وحكى أبو الحسن العبادي عن أبيه القاضي أبي عاصم وغيره

فإن قلت فقد ذكر العبادي القاضي الحسين في كتاب الطبقات فغير بدع أن ينقل عنه

قلت ذكره له في الطبقات ذكر الأصاغر للأكابر والقاضي الحسين نقل عن العبادي في غير موضع ويمكن أن يتفق العكس وهو نقل العبادي عن القاضي الحسين لكنا لم نر ذلك ولا يظهر فيما ذكرناه ولا حامل على الحمل عليه بعد البيان الذي بيناه

وعن القاضي أبي عاصم في عالم وعامي أسيرا وعند الإمام ما يفدي أحدهما أن العامي أولى لأنه ربما يفتن عن دينه والعالم إذا أكره يتلفظ وقلبه مطمئن بالإيمان

قال بخلاف ما لو دخل عالم وعامي حماما وليس هناك إلا إزار واحد فالعالم أولى به لأن العالم بعلمه يمتنع عن النظر إلى عورة العامي إن كشف عورته

قال أبو عاصم أنشدني أبو الفتح البستي الأديب لنفسه

رميتك من حكم القضاء بنظرة ** وما لي عن حكم القضاء مناص

فلما جرحت الخد منك بنظرة ** جرحت فؤادي والجروح قصاص

البحث عن ثم هل هي عند القاضي أبي عاصم كالواو في اقتضاء الجمع المطلق

ذكر الإمام الشيخ الوالد رحمه الله في كتاب الطوالع المشرقة فيمن قال وقفت على أولادي ثم أولاد أولادي أن القاضي الحسين نقل عن أبي عاصم أنه لا يقول بالترتيب بل يحمله على الجمع

قال الشيخ الإمام وكذلك نقله ابن أبي الدم وقال إن ثم عنده كالواو

ثم توقف الشيخ الإمام في ثبوت ذلك عن أبي عاصم مطلقا وذكر أنه لم يجده في كلامه وأنه إن صح فيحمل على أن ثم عنده كالواو في هذه المسألة لأن ثم إنشاء لا يتصور دخول ترتيب فيه كقوله بعث هذا ثم هذا لا يصح إرادة الترتيب حتى يقال ينتقل الملك قريبا بل يكون كالواو

قال وأما إنكار أن ثم للترتيب مطلقا فيجل أبو عاصم عنه فإن ذلك مما لا خلاف فيه بين النحاة والأدباء والأصوليين والفقهاء بل هو من المعلوم باللغة بالضرورة

قال وقد تكلم المفسرون من زمان ابن عباس إلى اليوم في قوله تعالى ‏{‏ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ‏}‏ في الجمع بينها وبين قوله ‏{‏وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا‏}‏ وذكروا أقوالا في تأويل بعد ولم يذكر أحد منهم أن ثم ليس للترتيب فوجب حمل كلام أبي عاصم على ما قلناه ولهذا يقول كثير من النحاة وغيرهم إنها للترتيب في الخبر فيقيدون الكلام تحرزا عن الإنشاء

نعم يدخل ثم أيضا في متعلقات الإنشاء مما ليس بخبر كقولك اخترت هذا ثم هذا وأطال الشيخ الإمام في هذا الفصل

قلت وقد نقل عن بعض النحاة منهم الفراء والأخفش وقطرب إنكار كونها للترتيب فلا بدع أن يوافقهم أبو عاصم غير أن المنقول عنه أن الواو للترتيب ولا يمكن قائل هذا أن ينكر ترتيب ثم فإن الجمع بين المقالتين لا يمكن الذهاب إليه فمن ثم توقف الوالد في تثبيته عليه والوالد أيضا لا يثبت خلاف هؤلاء وهم عنده محجوجون إن ثبت النقل عنهم بزمان ابن عباس رضي الله عنهما فمن بعده ومن ثم صرح بنفي الخلاف وزعمه معلوما في اللغة بالضرورة فلا تعجب منه إذا حمل كلام أبي عاصم على ما حمل إنما تعجب من بعض أصحابه ممن يأخذ القدر الذي يفهمه من كلامه فيفرقه في كتبه غير معزو إليه كيف ينقل الخلاف في ثم ويجعل كونها للترتيب أمرا مختلفا فيه خلافا قريبا ثم ينقل مقالة أبي عاصم ويقول إنما قالها في هذه الصورة خاصة وذلك أنه أخذ مقالة أبي عاصم من كلام الوالد ورأى فيه أنه لعله إنما قالها في هذه الصورة خاصة وذلك أنه أخذ مقالة أبي عاصم من كلام الوالد ورأى فيه أنه لعله إنما قالها في هذه الصورة بناء على اعتقاده وأن لا خلاف فيها فتتابعه في ذلك غافلا عن نفسه وإثباتها الخلاف وذلك صنع من لا يتأمل ما يصنع

وإنشاء ذكره الوالد من الترتيب في الإنشاء فبحث نفيس هو المخترع له وكان كثيرا ما يردده ويطيل التفنن فيه ولعلنا نشبع الكلام عليه في مكان آخر

وأذكره ليلة حضرنا ختمة وكان من الحاضرين الشيخ علاء الدين القونوي شيخ الشيوخ وهو علاء الدين المتأخر الحنفي لا السابق شارح الحاوي فإني لم أره فقرأ القارىء ‏{‏لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ‏}‏ فقال له الشيخ الإمام ما معنى هذا الترتيب في الإنشاء فلم يفهم الرجل ما يقول الشيخ الإمام بالكلية فأخذ يوضح له وهو لا يدري على فضيلة كانت فيه رحمه الله

قال أبو عاصم في الزيادات إذا ختم القرآن في الصلاة في الركعة الأولى فإنه يقرأ في الركعة الثانية الفاتحة وشيئا من أول سورة البقرة لأن النبي ‏(‏ خير الناس الحال المرتحل ‏)‏ وفسره لما سئل عنه انتهى

ونقله النووي في كتاب التبيان عن بعض الأصحاق وسكت عنه

قال أبو عاصم في أدب القضاء إذا حجر القاضي على السفيه وأشهد عليه لا يتصرف إلا في الطلاق والإقرار بالقصاص وغيره من موجبات الحدود وهل يؤاجر نفسه فيه قولان

قال أبو سعد الهروي ذكره الإشهاد على سبيل الاحتياط لا أنه ركن في صحة الحجر

فسر أبو عاصم كلمة التنصر بشيء عارضه فيه القاضي أبو سعد وسكت عليه الرافعي بأن ظاهره غير مستقيم وسأذكره في ترجمة أبي سعد آخر هذه الطبقة وأوجه كلام أبي عاصم

298 محمد بن أحمد أبو القاسم الشعري الطوسي

قال عبد الغافر من شيوخ الشافعية المتعصبين في المذهب

سمع من أبي منصور البغدادي وغيره

وخرج إلى نسا فسمعت أنه بلغه الخبر بوقعة موحشة للإمام أبي القاسم بن إمام الحرمين أبي المعالي على يدي عميد خراسان محمد بن محمد بن منصور ووضع من حشمته فحزن لذلك وتقطعت مرارته ومات من ليلته في رجب سنة أربع وثمانين وأربعمائة

299 محمد بن أحمد أبو سعيد النسوي

قال ابن باطيش كان إمام وقته ببلد نسا مشهورا بالكرم والبذل

300 محمد بن أحمد المروزي أبو الفضل التميمي

أحد أئمة مرو ورؤسائها

301 محمد بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الله الشنشدانقي الكاثي أبو الحسين

قال صاحب الكافي كان من كبار خوارزم فضلا ورتبة وبيته بيت العلم والصلاح تفقه بمرو على الفوراني

وكان فحلا في المناظرة فصيح المحاورة لم يكن بكاث في عهده بعد الإمام إسماعيل الدرغاني أنظر منه

ولي قضاء كاث بعد سعيد بن محمد الكعبي

وتوفي في المحرم سنة ثمان وتسعين وأربعمائة

302 محمد بن إدريس بن محمد بن إدريس بن سليمان بن الحسن بن ذيب أبو بكر الحافظ

من أهل جرجرايا من نواحي النهروان

وهو تلميذ محمد بن أحمد المفيد

ورحل وجال في البلاد

سمع ببغداد من أحمد بن نصر الذارع وطبقته

وبجرجان من أبي بكر الإسماعيلي

وبأصبهان من ابن المقرىء

وبدمشق من محمد بن أحمد الخلال وعثمان بن عمر الشافعي

وروى عنه عبد الصمد بن إبراهيم البخاري الحافظ وهناد النسفي وأحمد بن الفضل الناظر قال وأبو حامد أحمد بن محمد بن ماما الحافظ وآخرون

سكن بخارى آخر عمره

وكان معروفا بالمعرفة والحفظ والانتخاب على المشايخ

مات في شهر ربيع الآخر سنة خمس عشرة وأربعمائة

وقد ذكره الحافظ ابن عساكر في التاريخ مجهولا لأنه لم يعرفه

303 محمد بن أحمد بن محمد الحافظ أبو الفضل الجارودي الهروي

سمع أبا علي حامد بن محمد الرفاء ومحمد بن عبد الله السليطي وأبا إسحاق القراب والد الحافظ أبي يعقوب وعبد الله بن الحسين البصري المروزي وسليمان بن أحمد الطبراني ومحمد بن علي بن حامد وإسماعيل بن نجيد السلمي وأحمد بن محمد بن سلمويه النيسابوري وعمر بن محمد بن جعفر الأهوازي البصري وجماعة كثيرة بنيسابور والري وهمذان وأصبهان والبصرة وبغداد والحجاز

روى عنه أبو عطاء المليحي وعبد الله بن محمد الأنصاري الملقب شيخ الإسلام وكان إذا حدث عنه يقول حدثنا إمام أهل المشرق أبو الفضل

وطوائف هرويون

قال أبو النصر الفامي كان عديم النظير في العلوم خصوصا في علم الحفظ والتحديث وفي التقلل من الدنيا والاكتفاء بالقوت وحيدا في الورع وقد رأى بعض الناس في نومه رسول الله بزيارة قبر الجارودي

وقال بعضهم هو أول من سن بهراة تخريج الفوائد وشرح الرجال والتصحيح

وقال ابن طاهر المقدسي سمعت أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري يقول سمعت الجارودي يقول رحلت إلى الطبراني فقربني وأدناني وكان يتعسر علي في الأخذ فقلت له أيها الشيخ تتعسر علي وتبذل للآخرين فقال لأنك تعرف قدر هذا الشأن

توفي في الثالث والعشرين من شوال سنة ثلاث عشرة وأربعمائة

304 محمد بن أحمد بن سعيد أبو عبد الله الحلابي الجاساني

قال صاحب الكافي تفقه ببغداد على القاضي أبي الطيب الطبري

قال وله كتاب اسمه النهاية في شرح المذهب وكتاب في المختلف اسمه المشخص يدلان على كمال فضله في الفقه

قال ووفاته قريب من سنة ستين وأربعمائة

305 محمد بن أحمد الصعلوكي كمال الدين أبو سهل

فيما علقته من خط ابن الصلاح من مجموعه الذي انتخبه فوائد كتبها من كتاب الجمع بين الطريقين قال وهو كتاب علقه بعضهم عن هذا الشيخ

منها

قال بعض أصحاب الرأي قوله تعالى ‏{‏وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ‏}‏ الآية ورد في النساء على الانفراد كالمساحقات فحدهن الحبس في البيوت وقوله تعالى ‏{‏وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ‏}‏ ورد في الرجال على الانفراد وهو اللواط فحده الإيذاء باللسان وليس في الآيتين ذكر الرجال مع النساء والشيخ الإمام أبو سهل الصعلوكي يميل إلى هذه الطريقة وذكره في الدرس وقال الدليل عليه أنه أنث اللفظ في الآية الأولى وذكره في الثانية

وأجاب الشيخ القفال عن هذا وقال إنما أنت في الأولى لأنها وردت في الثيب فتكون أكثر القصد هناك من المرأة والآية التالية وردت في البكر والبكر تستحي فتكون أكثر القصد من الرجل فلهذا غلب التذكير

كان الأستاذ أبو إسحاق يقول القيام بفروض الكفايات خير في الأجر والثواب من فروض الأعيان لأن في فروض الأعيان يسقط عن نفسه فقط وفي الكفاية يسقط عن نفسه وغيره

قلت وهذا قاله أيضا إمام الحرمين

306 محمد بن أحمد الحوفي الإمام أبو عبد الله الحمدنجي

من تلامذة الشيخ أبي حامد الإسفرايني

تفقه عليه ببغداد وبيته بيت كبير

قال صاحب الكافي في تاريخ خوارزم لبيته نحو مائتين وخمسين سنة معمور بالعلماء وأطال في ترجمته في تاريخ خوارزم وقال توفي بعد سنة أربع وأربعين وأربعمائة

307 محمد بن إبراهيم أبو عبد الله الصانعي أبو عبد الله

من أهل خوارزم

رحل منها سنة تسعين وثلاثمائة إلى بغداد فتفقه بها على الشيخ أبي حامد الإسفرايني والشيخ أبي محمد الباقي

ثم عاد إلى خوارزم في سنة اثنتى عشرة وأربعمائة وتوطن حشراخوان

قال صاحب الكافي فكان هو المفتي والخطيب والواعظ والمدرس بها زمانا

308 محمد بن إسماعيل بن محمد بن إبراهيم بن كثير الإستراباذي أبو حاجب

من أهل مازندران

قال ابن السمعاني كان طويل الباع في الفقه والنظر وكان حسن السيرة تقيا ثقة صدوقا واسع الرواية كثير السماع

رحل وكتب وعمر حتى حدث بالكثير

سمع حمزة بن يوسف السهمي وأبا الحسن بن رزقويه وخلقا

ذكره ابن السمعاني وأغفله ابن النجار أيضا

309 محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن أحمد بن عمرو القاضي

أبو علي ابن أبي عمرو العراقي الطوسي

من أهلها

قال ابن السمعاني ولي القضاء مدة بالطابران قصبة طوس

ولقب بالعراقي لظرافته وطول مقامه ببغداد

قال وكان فقيها فاضلا مبرزا حسن السيرة مفضلا مكرما مشهورا بخراسان والعراق

تفقه ببغداد على أبي حامد الإسفرايني

وسمع الحديث من أبي ظاهر المخلص وأبي القاسم يوسف بن كج الدينوري وأبي زكرياء عبد الله بن أحمد البلاذري الحافظ وجماعة

سمع منه جماعة من العلماء مثل أبي محمد عبد الله بن يوسف الجرجاني وأبي الحسن محمد بن عبد الله بن يوسف الجرجاني وأبي الحسن محمد بن عبد الله البسطامي وأبي الفضل محمد بن أسعد الفاشاني المروزي وغيرهم

قال وقرأت في كتاب الفقهاء لأبي محمد عبد الله بن يوسف القاضي الجرجاني الحافظ فقال أبو علي العراقي الطابراني سمعته يقول أقمت ببغداد إحدى عشرة سنة كنت أختلف إلى أبي محمد البافي ثم اختلفت عشر سنين إلى أبي حامد وعلقت عنه جميع المختصر فلما رجعت قصدت جرجان فدخلت على الإمام أبي سعد الإسماعيلي وحضرت مجلسه وناظرت بين يديه ثم دخلت نيسابور وحضرت مجلس الإمام أبي الطيب الصعلوكي وناظرت فيه ثم رجعت إلى وطني

توفي سنة تسع وخمسين وأربعمائة

وهو ممن أخل ابن النجار بذكره مع ذكر ابن السمعاني له

310 محمد بن بكر بن محمد أبو بكر الطوسي النوقاني

من نوقان بفتح النون ثم واو ساكنة ثم قاف يليها ألف ثم نون إحدى مدائن طوس

ذكره الرافعي في الشيح في كتاب الإجارة وكتاب الجراح وغير موضع

قال أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن هو إمام أصحاب الشافعي بنيسابور وفقيههم ومدرسهم وله الدرس والأصحاب ومجلس النظر وله مع ذلك الورع والزهد والانقباض عن الناس وترك طلب الجاه والدخول على السلاطين وما لا يليق بأهل العلم من الدخول في الوصايا والأوقاف وما في معناه

وكان من أحسن الناس خلقا ومن أحسنهم سيرة وظهرت بركته على أصحابه

وتفقه عند الأستاذ أبي محمد الباقي

وحكي عن محمد بن مأمون قال كنت مع الشيخ أبي عبد الرحمن السلمي ببغداد فقال لي تعال حتى أريك شابا ليس في جملة الصوفية ولا المتفقهة أحسن طريقة ولا أكثر أدبا منه فأخذ بيدي فذهب إلى حلقة البافي وأراني الشيخ أبا بكر الطوسي

تفقه على الطوسي جماعات منهم الأستاذ أبو القاسم القشيري

وتوفي بنوقان سنة عشرين وأربعمائة

311 محمد بن بيان بن محمد الآمدي الكازروني

شيخ الروياني وفخر الإسلام الشاشي والفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي

سكن آمد وتفقه به خلق

وحدث عن أحمد بن الحسين بن سهل بن خليفة البلدي والقاضي أبي عمر الهاشمي وأبي الفتح بن أبي الفوارس وابن رزقويه وغيرهم

روى عنه الفقيه نصر بن إبراهيم بن فارس الأزدي وأبو غانم عبد الرزاق العدي وعبد الله بن الحسن بن النحاس

مات سنة خمس وخمسين وأربعمائة

ومن الرواية عنه

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ومحمد بن الحسن بن نباتة المحدث بقراءتي عليهما أخبرنا الغرافي أخبرنا القطيعي أخبرنا ابن الخل أخبرنا فخر الإسلام أبو بكر الشاشي قراءة علينا من كتابه أخبرنا محمد بن بيان الكازروني قراءة عليه في جامع ميافارقين أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي الفارسي قراءة عليه حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل القاضي حدثنا أحمد بن إسماعيل المدني حدثنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أن رسول الله ‏(‏ من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ‏)‏

فقال أبو بكر بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما على أحد ممن دعي من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها قال نعم وأرجو أن تكون منهم

وأخرجه البخاري عن أبي اليمان عن شعيب

وعن إبراهيم بن المنذر عن معن بن عيسى عن مالك

ومسلم عن أبي الطاهر وحرملة

كلاهما عن ابن وهب عن يونس

وعن عمرو الناقد والحسن الحلواني وعبد بن حميد ثلاثتهم عن يعقوب ابن إبراهيم عن أبيه عن صالح

وعن عبد بن حميد عن عبد الرزاق عن معمر خمستهم عن الزهري به

312 محمد بن ثابت بن الحسن بن علي أبو بكر الخجندي

نزيل أصبهان

قال ابن السمعاني إمام غزير الفضل حسن السيرة

تفقه فبرع في الفقه حتى صار من جملة رؤساء الأئمة حشمة ونعمة

وتخرج به وبكلامه جماعة من أهل العلم وانتشر علمه في الآفاق

وولاه نظام الملك مدرسته التي بناها بأصبهان درس الفقه بها مدة

وكانت له يد باسطة في النظر والأصول

سمع الحديث من أبيه أبي محمد ثابت بن الحسن وأبي الحسن علي بن أحمد الإسترابادي وعبد الصمد بن نصر العاصمي وأبي سهل أحمد بن علي الأبيوردي وكان أستاذه في الفقه

روى لنا عنه أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الطلحي وأبو منصور محمد بن أحمد بن عبد المنعم بن فاذشاه وأحمد بن الفضل المميز وغيرهم

توفي سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة

وعليه تفقه أبو العباس بن الرطبي وأبو علي الحسن بن سلمان الأصفهاني

قلت وأظنه صاحب كتاب زواهر الدرر في نقض جواهر النظر وهذا الكتاب يرويه فخر الإسلام الشاشي عنه رواه عباد بن سرحان بن مسلم بن سيد الناس من فضلاء المغرب دخل بغداد وسمع بها من رزق الله بن التميمي وغيره وقد روى هذا الكتاب عن الشاشي عنه

ذكر ذلك ابن الصلاح في ترجمة الشاشي

وقد أخل ابن النجار في الذيل بذكر الخجندي مع ذكر ابن السمعاني له

ونقل القاضي مجلى في ذخائره وجهين عن روضة المناظر للخجندي وما أراه إلا هذا فيمن نذر صلاة مؤقتة وأخرجها عن وقتها هل تقبل ولكن المذهب أنها لا تقبل وهذا الوجه المستغرب ذكره الشيخ أبو إسحاق في النكت احتمالا لنفسه

وفي فتاوي ابن الصباغ أن واقعة وقعت بأصبهان وهي حاكم حكم بقياس ثم ظهر له أنه منصوص بنص يوافق ما حكم به فأفتى الخجندي بأن الحكم نافذ

وقال ابن الصباغ نافذ من حين الحكم

قلت وقد ثبت في كتاب الأشباه والنظائر أن ما قاله الخجندي أصح

313 محمد بن حامد أبو عبد الله بن حنار

ذكر أبو علي بن البناء في طبقات الفقهاء كما نقله عنه ابن النجار أن له القدر العالي في الفقه والأصول والقرآن والأدب

وأنه مات في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة في صفر

314 محمد بن حسان بن الحسن بن مكي أبو المحاسن الختام الواعظ مات بالري سنة تسع وثمانين وأربعمائة

315 محمد بن الحسن بن الحسين أبو عبد الله المروزي المهربندقشابي

كان إماما ورعا عارفا عابدا

وسمع الكثير من القفال ومسلم بن الحسن الكاتب

ورحل إلى هراة فسمع أبا الفضل عمر بن إبراهيم بن أبي سعد وأحمد بن محمد ابن الخليل وغيرهما

توفي سنة أربع وقيل سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة

316 محمد بن الحسن بن علي أبو جعفر الطوسي

فقيه الشيعة ومصنفهم

كان ينتمي إلى مذهب الشافعي

له تفسير القرآن وأملى أحاديث وحكايات تشتمل على مجلدين

قدم بغداد وتفقه على مذهب الشافعي

وقرأ الأصول والكلام على أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المعروف بالمفيد فقيه الإمامية

وحدث عن هلال الحفار

روى عنه ابنه أبو علي الحسن

وقد أحرقت كتبه عدة نوب بمحضر من الناس

توفي بالكوفة سنة ستين وأربعمائة

317 محمد بن الحسن بن فورك

الأستاذ أبو بكر الأنصاري الأصبهاني

الإمام الجليل والحبر الذي لا يجاري فقها وأصولا وكلاما ووعظا ونحوا مع مهابة وجلالة وورع بالغ

رفض الدنيا وراء ظهره وعامل الله في سره وجهره وصمم على دينه

مصمم ليس تلويه عواذله ** في الدين ثبت قوي بأسه عسر

وحوم على المنية في نصرة الحق لا يخاق الأسد في عرينه

ولا يلين لغير الحق يتبعه ** حتى يلين لضرس الماضغ الحجر

وشمر عن ساق الاجتهاد

بهمة في الثريا إثر أخمصها ** وعزمة ليس من عاداتها السأم

ودمر ديار الأعداء ذوي الفساد

وعمر الدين عزم منه معتضد ** بالله تشرق من أنواره الظلم

وصبر والسيف يقطر دما

والصبر أجمل إلا أنه صبر ** وربما جنت الأعقاب من عسله

وبدر بجنان لا يخادعه حب الحياة ولا تشوقه الحاظ الدمى

لكنه مغرم بالحق يتبعه ** لله في الله هذا منتهى أمله

أقام أولا بالعراق إلى أن درس بها مذهب الأشعري على أبي الحسن الباهلي ثم لما ورد الري وشت به المبتدعة وسعوا عليه

قال الحاكم أبو عبد الله فتقدمنا إلى الأمير ناصر الدولة أبي الحسن محمد بن إبراهيم والتمسنا منه المراسلة في توجهه إلى نيسابور فبنى له الدار والمدرسة من خانقاه أبي الحسن البوشنجي وأحيا الله به في بلدنا أنواعا من العلوم لما استوطنها وظهرت بركته على جماعة من المتفقهة وتخرجوا به

سمع عبد الله بن جعفر الأصفهاني وكثر سماعه بالبصرة وبغداد وحدث بنيسابور

هذا كلام الحاكم وروى عنه حديثا واحدا

قال عبد الغافر بن إسماعيل سمعت أبا صالح المؤذن يقول كان الأستاذ أوحد وقته أبو علي الدقاق يعقد المجلس ويدعو للحاضرين والغائبين من أعيان البلد وأئمتهم فقيل له يوما قد نسيت ابن فورك ولم تدع له

فقال كيف أدعو له وكنت أقسم على الله البارحة بإيمانه أن يشفي علتي وكان به وجع البطن تلك الليلة

ولما حضرت الوفاة واحد عصره وسيد وقته أبا عثمان المغربي أوصى بأن يصلي عليه الإمام أبو بكر بن فورك وذلك سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة

وذكر الإمام الشهيد أبو الحجاج يوسف بن دوناس الفندلاوي المالكي المدفون خارج باب الصغير بدمشق وقبره ظاهر معروف باستجابة الدعاء عنده أنه روي أن الإمام أبا بكر بن فورك ما نام في بيت فيه مصحف قط وإذا أراد النوم انتقل عن المكان الذي فيه إعظاما لكتاب الله عز وجل

نقلت هذه الحكاية من خط شيخنا الحافظ أبي العباس بن المظفر

قال عبد الغافر بلغت تصانيفه في أصول الدين وأصول الفقه ومعاني القرآن قريبا من المائة

وحكى عن ابن فورك أنه قال كان سبب اشتغالي بعلم الكلام أني كنت بأصبهان أختلف إلى فقيه فسمعت أن الحجر يمين الله في الأرض فسألت ذلك الفقيه عن معناه فلم يجب بجواب شاف فأرشدت إلى فلان من المتكلمين فسألته فأجاب بجواب شاف فقلت لا بد من معرفة هذا العلم فاشتغلت به

وقد سمع ابن فورك من عبد الله بن جعفر الأصبهاني المذكور في كلام الحاكم جميع مسند الطيالسي

وسمع أيضا من ابن خرزاذ الأهوازي

روى عنه الحافظ أبو بكر البيهقي والأستاذ أبو القاسم القشيري وأبو بكر أحمد ابن علي بن خلف

ودعي إلى مدينة عزنة وجرت له بها مناظرات ولما عاد منها سم في الطريق فتوفي سنة ست وأربعمائة حميدا شهيدا

ونقل إلى نيسابور ودفن بالحيرة وقبره ظاهر

قال عبد الغافر يستسقى به ويستجاب الدعاء عنده

وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري تلميذه سمعت الإمام أبا بكر بن فورك يقول حملت مقيدا إلى شيراز لفتنة في الدين فوافيت باب البلد مصبحا وكنت مهموم القلب فلما أسفر النهار وقع بصري على محراب في مسجد على باب البلد مكتوب عليه ‏{‏أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ‏}‏ وحصل لي تعريف من باطني أني أكفي عن قريب فكان كذلك

وكان شديد الرد على أبي عبد الله بن كرام وأذكر أن سبب ما حصل له من المحنة من شغب أصحاب ابن كرام وشيعتهم المجسمة

ذكر شرح حال المحنة المشار إليها

اعلم أنه يعز علينا شرح هذه الأمور لوجهين

أحدهما أن كتمانها وسترها أولى من إظهارها وكشفها لما في ذلك من فتح الأذهان لما هي غافلة عنه مما لا ينبغي التفطن له

والثاني ما يدعو إليه كشفها من تبيين معرة أقوام وكشف عوارهم وقد كان الصمت أزين ولكن ما رأينا المبتدعة تشمخ بآنافها وتزيد وتنقص على حسب أغراضها وأهوائها تعين لذلك ضبط الحال وكشفه مع مراعاة النصفة فنقول كان الأستاذ أبو بكر بن فورك كما عرفناك شديدا في الله قائما في نصرة الدين ومن ذلك أنه فوق نحو المشبهة الكرامية سهاما لا قبل لهم بها فتحزبوا عليه ونموا غير مرة وهو ينتصر عليهم وآخر الأمر أنهم أنهوا إلى السلطان محمود بن سبكتكين أن هذا الذي يؤلب علينا عندك أعظم منا بدعة وكفرا وذلك أنه يعتقد أن نبينا محمدا نبيا اليوم وأن رسالته انقطعت بموته فاسأله عن ذلك

فعظم على السلطان هذا الأمر وقال إن صح هذا عنه لأقتلنه وأمر بطلبه

والذي لاح لنا من كلام المحررين لما ينقلون الواعين لما يحفظون الذين يتقون الله فيما يحكون أنه لما حضر بين يديه وسأله عن ذلك كذب الناقل وقال ما هو معتقد الأشاعرة على الإطلاق أن نبينا في قبره رسول الله أبد الآباد على الحقيقة لا المجاز وأنه كان نبيا وآدم بين الماء والطين ولم تبرح نبوته باقية ولا تزال

وعند ذلك وضح للسلطان الأمر وأمر بإعزازه وإكرامه ورجوعه إلى وطنه

فلما أيست الكرامية وعلمت أن ما وشت به لم يتم وأن حيلها ومكايدها قد وهت عدلت إلى السعي في موته والراحة من تعبه فسلطوا عليه من سمه فمضى حميدا شهيدا

هذا خلاصة المحنة

والمسألة المشار إليها وهي انقطاع الرسالة بعد الموت مكذوبة قديما على الإمام أبي الحسن الأشعري نفسه وقد مضى الكلام عليها في ترجمته

إذا عرفت هذا فاعلم أن أبا محمد بن حزم الظاهري ذكر في النصائح أن ابن سبكتكين قتل ابن فورك بقوله لهذه المسألة ثم زعم ابن حزم أنها قول جميع الأشعرية

قالت وابن حزم لا يدري مذهب الأشعري ولا يفرق بينهم وبين الجهمية لجهلهم بما يعتقدون

وقد حكى ابن الصلاح ما ذكره ابن حزم ثم قال ليس الأمر كما زعم بل هو تشنيع على الأشعرية أثارته الكرامية فيما حكاه القشيري

قلت وقد أسلفنا كلام القشيري في ذلك في ترجمة الأشعري

وذكر شيخنا الذهبي كلام ابن حزم وحكى أن السلطان أمر بقتل ابن فورك فشفع إليه وقيل هو رجل له سن فأمر بقتله بالسم فسقي السم

ثم قال وقد دعا ابن حزم للسلطان محمود أن وفق لقتل ابن فورك

وقال في الجملة ابن فورك خير من ابن حزم وأجل وأحسن نحلة

وقال قبل ذلك أعني شيخنا الذهبي كان ابن فورك رجلا صالحا

ثم قال كان مع دينه صاحب فلتة وبدعة

انتهى

قلت أما السلطان أمر بقتله فشفع إليه إلى آخر الحكاية فأكذوبة سمجة ظاهرة الكذب من جهات متعددة منها أن ابن فورك لا يعتقد ما نقل عنه بل يكفر قائله فكيف يعترف على نفسه بما هو كفر وإذا لم يعترف فكيف يأمر السلطان بقتله وهذا أبو القاسم القشيري أخص الناس بابن فورك فهل نقل هذه الواقعة بل ذكر أن من عزى إلى الأشعرية هذه المسألة فقد افترى عليهم وأنه لا يقول بها أحد منهم

ومنها أنه بتقدير اعترافه وأمره بقتله كيف ترك ذلك لسنه وهل قال مسلم إن السن مانع من القتل بالكفر على وجه الشهرة أو مطلقا ثم ليت الحاكي ضم إلى السن العلم وإن كان أيضا لا يمنع القتل ولكن لبغضه فيه لم يجعل له خصلة يمت بها غير أنه شيخ مسن فيا سبحان الله أما كان رجلا عالما أما كان اسمه ملأ بلاد خراسان والعراق أما كان تلامذته قد طبقت طبق الأرض فهذا من ابن حزم مجرد تحامل وحكاية لأكذوبة سمجة كان مقداره أجل من أن يحكيها

وأما قول شيخنا الذهبي إنه مع دينه صاحب فلتة وبدعة فكلام متهافت فإنه يشهد بالصلاح والدين لمن يقضي عليه بالبدعة ثم ليت شعري ما الذي يعني بالفلتة إن كانت قيامه في الحق كما نعتقد نحن فيه فتلك من الدين وإن كانت في الباطل فهي تنافي الدين

وأما حكمه بأن ابن فورك خير من ابن حزم فهذا التفضيل أمره إلى الله تعالى ونقول لشيخنا إن كنت تعتقد فيه ما حكيت من انقطاع الرسالة فلا خير فيه ألبتة وإلا فلم لا نبهت على أن ذلك مكذوب عليه لئلا يغتر به

ومن الرواية عنه من حديثه عن ابن خرزاذ

أخبرنا الحافظ أبو العباس ابن المظفر بقراءتي عليه أخبرنا الشيخان أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن المطهر بن أبي عصرون وأبو الفضل أحمد بن هبة الله بن عساكر سماعا عليهما قالا أخبرنا أبو روح عبد العزيز بن محمد الهروي إجازة أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي أخبرنا الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري أخبرنا الإمام أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أخبرنا أبو بكر أحمد ابن محمد بن خرزاذ الأهوازي بها حدثنا أحمد بن سهل بن أيوب حدثنا خالد يعني ابن يزيد حدثنا سفيان الثوري وشريك بن عبد الله وسفيان بن عيينة عن سليمان عن خيثمة عن عبد الله عن النبي قال ‏(‏ لا ترضين أحدا بسخط الله ولا تحمدن أحدا على فضل الله ولا تذمن أحدا على ما لم يؤتك الله فإن رزق الله لا يسوقه حرص حريص ولا يرده عنك كراهة كاره وإن الله بعدله وقسطه جعل الروح والفرح في الرضا واليقين وجعل الهم والحزن في الشك والسخط

ومن حديثه عن عبد الله بن جعفر وبه إلى ابن فورك

أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا همام عن قتادة سمع أنسا يقول قال رسول الله ‏(‏ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ‏)‏

ومن كلام الأستاذ أبي بكر

قال كل موضع ترى فيه اجتهادا ولم يكن عليه نور فاعلم أنه بدعة خفية

قلت وهذا كلام بالغ في الحسن دال على أن الأستاذ كثير الذوق وأصله قوله ‏(‏ البر ما اطمأنت إليه النفس ‏)‏

ومن الفوائد والمسائل عنه

قيل تناظر هو وأبو عثمان المغربي الذي ذكرناه أنه أوصى عند موته أن ابن فورك يصلى عليه في أن الولي هل يجوز أن يعرف أنه ولي فكان الأستاذ أبو بكر لا يجوز ذلك لأنه يسلبه الخوف ويوجب له الأمن

قيل وكان أو عثمان يقول بجوازه

قلت والذي نقله الأستاذ أبو القاسم في الرسالة أن الخلاف في هذه المسألة إنما هو بين الأستاذين أبي بكر بن فورك وأبي علي الدقاق وأن الدقاق قال بالجواز

قال الأستاذ أبو القاسم وهو الذي نؤثره ونختاره ونقول به

قال الأستاذ أبو القاسم ولا يجب ذلك في جميع الأولياء بل يجوز أن يعلم بعضهم ويكون علمه كرامة زائدة له وألا يعلم آخرون

ثم رد قول ابن فورك إن العلم بذلك يسقط الخوف بأن الذي يجدونه من الهيبة والإجلال يزيد ويربي على كثير من الخوف

قتلت وما ذكره أبو القاسم هو الحق الذي لا مرية فيه والعلم بالولاية لا ينافي الخوف بل ولا النبوة ألا ترى أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أشد الناس خوفا لربهم تعالى وهم يعلمون أنهم أنبياء فمقالة ابن فورك ضعيفة شاذة والولي ما دام إحساسه حاضرا وهو غير مصطلم يخاف المكر وذلك من أعظم الخوف

وذكر الأستاذ أبو القاسم بعد ذلك أنه يجوز أن يعلم أنه مأمون العاقبة

قلت ومع ذلك لا يزايله الخوف كما قلنا في الأنبياء عليهم السلام فإنهم يعلمون أنهم مأمونو العواقب وهم أشد خوفا والعشرة المشهود لهم بالجنة كذلك وقد قال عمر رضي الله عنه لو أن رجلي الواحدة داخل الجنة والأخرى خارجها ما أمنت مكر الله

318 محمد بن القاضي الحسين بن محمد بن أحمد المروالروذي أبو بكر بن القاضي الحسين

أما والده فهو الإمام المشهور بالذكر

وأما هو فقد حدث عن أبي مسعود أحمد بن محمد بن عبد الله البجلي الرازي الحافظ وغيره

سمع منه أبو عبد الله الحميدي وأبو بكر بن الخاضبة وغيرهما

ولد سنة عشرين وأربعمائة ولم أعلم لوفاته تاريخا

ذكره الشيخ في شرح المنهاج في النكاح في شروط الكفاية

319 محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم الروذراوي

الوزير أبو شجاع

ولد سنة سبه وثلاثين وأربعمائة

وكان والده من أهل روذراور وصحب الأمير كرشاسف بن علاء الدولة صاحب همذان وأصبهان وبلاد الجبل وكان ينقاد له

وصحب الأمير هرارست أمير خوزستان والبصرة وواسط ثم استوحش منه وجهز أمواله إلى بغداد وأخفى نفسه وولده وخرج إلى حلب ثم توجه إلى همذان

ثم إن القائم بأمر الله صرف وزيره ابن جهير عن الوزارة وصور في نفسه أن يستوزره فورد الخبر بوفاته فقال الخليفة عولنا على هذه الدارج في وزارتنا فحالت الأقدار بيننا وبين الإيثار وقد عرفنا تميز ولده إلا أن السن لم ينته به إلى هذا المنصب فرقاه ولا يزال أبو شجاع يترقى إلى أن انتهت الخلافة إلى المقتدى وتزايد عظمة وترقت به الحال فوق ما كانت

ثم إن نظام الملك كاتب المقتدى في إبعاد أبي شجاع فإنه كان يكرهه فكتب الخليفة الجواب بخطه وعرف نظام الملك منزلة أبي شجاع عنده وفضله ودينه وأكد عليه في الوصاية به وترك الالتفات إلى قول أعدائه وأمر الوزير أبا شجاع بالخروج إلى أصبهان إلى خدمة نظام الملك وأصحبه بعض خدمه فتلقاه نظام الملك بالبشر وأعاده إلى بغداد مكرما فعاد وخرج إليه عسكر الخليفة مستلقين

ثم لما عزل المقتدى بالله عميد الدولة أبا منصور ابن جهير من وزارته ولاها ظهير الدين أبا شجاع وخلع عليه في النصف من شعبان سنة ست وسبعين وأربعمائة

وتوالت السعادة في وزارته وما زال يتقدم في كل يوم تقدما لم يكن لغيره وصار الأمر أمره والمقبول من ارتضاه والمدفوع من أباه وعظم الحق وانتشر العدل

وكان لا يخرج من بيته حتى يقرأ شيئا من القرآن ويصلي

وكان يصلي الظهر ويجلس للمظالم إلى وقت العصر وحجابه تنادي أين أصحاب الحوائج قال النقلة فلم يطمع في أيامه طمع ولم يحدث نفسه بالظلم ظالم

وكان من سعادته أن قاضي القضاة الشامي ذاك الرجل العالم الصالح هو القاضي في أيامه فانتظم أمر بغداد كما ينبغي

واستدعى يوما بعض كبار الأمراء بالنواحي فجاءه في خمسمائة فارس من الأمراء والسلارية فلما مثل بين يديه فقال له إن بعض أعوانك أخذ عمامة رجل

فقال يا مولانا إنك تتعمد الغض مني والنقص من محلي وهذا مما يسأل عنه من استنبته في الشرطة من أصحابي والمستخدمون على أبوابي

فقال له الوزير وإذا سألك الله تعالى في الموقف الذي يسألك فيه عن اللفظة واللحظة ومثقال الذرة يكون هذا جوابك

فخرج ذلك الملك واستبحث عن العمامة حتى عادت

وأخباره في ذلك ونظائره مشهورة كثيرة

ثم لاح له توفيق إلهي فحاسب نفسه على زكاة ماله وعلم أنه أخل بأدائها فيما تقدم واحتاط بأن أخرجها عن والده سنين كثيرة

ورأوه عدة أيام خاليا يكتب ويحسب فأشفق عليه بعض الأصدقاء وأرجف به الأعداء وقالوا خولط ولحقته السوداء

وأما ما كان يفعله من صنائع البر والتنوع في صلة المعروف فعجيب كثير

وحكي أنه استدعى بعض أخصائه في يوم بارد وعرض عليه رقعة من بعض الصالحين يذكر فيها أن في الجار الفلانية امرأة معها أربعة أطفال أيتام وهم عراة جياع

فقال له امض الآن وابتع لهم جميع ما يصلح لهم

ثم خلع أثوابه وقال والله لا لبستها ولا أكلت حتى تعود وتخبرني أنك كسوتهم وأشبعتهم

وبقي يرعد بالبرد إلى حيث قضى الأمر وعاد إليه وأخبره

وقال بعض من كان يتولى صدقاته إنه حسب ما انصرف على يده من صلاته فاشتمل على مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار

قال وكنت واحدا من عشرة يتولون صدقاته

ثم إن السلطان ملكشاه سأل الخليفة في عزلة فعزله في ربيع الأول سنة أربع وثمانين وأربعمائة فأنشد أبو شجاع في حال انصرافه

تولاها وليس له عدو ** وفارقها وليس له صديق

وخرج إلى الجامع يوم الجمعة وأمالت العامة عليه تصافحه وتدعو له

وأقام في داره مكرما محترما وبنى على بابها مسجدا

واستمر إلى أن أذن له الخليفة في الحج في موسم سنة أربع وثمانين فلما عاد مع الحجيج في سنة خمس تلقاه من أصحاب السلطان من منعه من دخول العراق وسار به إلى روذراور فأقام بها إلى سنة سبع وثمانين وتوجه منها إلى الحج ودخل بعد وفاة المقتدي والسلطان ملكشاه ونظام الملك فأقام بمدينة النبي عن العز والجاه والأهل والوطن

ومات أحد خدام روضة المصطفى يكنس المسجد ويفرش الحصر ويشعل المصابيح

وكتب إلى والده أبي منصور بأن يقف عنه مدرسة على أصحاب الشافعي

وكان رجلا فاضلا أديبا له شعر كثير حسن وقد كتب إليه أبو الحسن محمد بن علي بن أبي الصقر الواسطي يلتمس شعره لينظر فيه بقصيدة يقول فيها

يا ماجدا لو رمت مدح سواه لم ** أقدر على بيت ولا مصراع

امنن علي بشعرك الدر الذي ** شعر الرضى له من الأتباع

فأجابه

لو كنت أرضى ما جمعت شتيته ** ما صنت معرضه عن الأسماع

لكن شعري شبه شوهاء اتقت ** عيابها فتسترت بقناع

توفي في منتصف جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ودفن بالبقيع عند قبر إبراهيم بن سيدنا محمد

320 محمد بن الحسين بن محمد بن الهيثم بن القاسم بن مالك القاضي أبو عمر البسطامي

وبسطام بفتح الباء

قاضي نيسابور

كان أحد الأئمة من أصحابنا والرفعاء من علمائهم

قدم بغداد في حياة الشيخ أبي حامد الإسفرايني وكان الشيخ أبو حامد يجله ويعظمه

وكان القاضي أبو عمر نظير أبي الطيب الصعلوكي حشمة وجاها وعلما فصاهره أبو الطيب وجاء من بينهما فضلاء أئمة

سمع القاضي أبو عمر الحديث بالعراق والأهواز وأصبهان وسجستان

وأملى وحدث عن أبي القاسم الطبراني وأحمد بن عبد الرحمن بن الجارود الرقي وأبي بكر القطيعي وعلي بن حماد الأهوازي وأحمد بن محمود بن خرزاذ القاضي وأبي محمد بن ماسي وغيرهم

روى عنه أبو عبد الله الحاكم مع تقدمه وأبو بكر البيهقي وأبو الفضل محمد بن عبيد الله الصرام وسفيان ومحمد ابنا الحسين بن فتحويه ويوسف الهمذاني وغيرهم

ذكره الحاكم في التاريخ فقال الفقيه المتكلم البارع الواعظ

ثم قال وورد له العهد بقضاء نيسابور وقرىء علينا العهد غداة الخميس ثالث ذي القعدة سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة

وأجلس في مجلس القضاء في مسجد رجا في تلك الساعة وأظهر أهل الحديث من الفرح والاستبشار والنثار ما يطول شرحه وكتبنا بالدعاء والشكر إلى السلطان أيده الله وإلى أوليائه

وذكره أبو علي الحسن بن نصر بن كاكا المرندي فقال كان منفردا بلطائف السيادة معتمدا لمواقف الوفادة سفر بين السلطان المعظم ومجلس الخلافة أيام القادر بالله فأفتن أهل بغداد بلسانه وإحسانه وبزهم في إيراده وإصداره بصحة إتقانه

ونكت في ذلك المشهد النبوي والمحفل الإمامي أشياء أعجب بها كفاته وسلم الفضل له فيها حماته وقالوا مثله فليكن نائبا عن ذلك السلطان المؤيد بالتوفيق والنصرة وافدا على مثل هذه الحضرة حتى صدر وحقائبه مملوءة من أصناف الإكرام وسهامه فائزة بأقصى المرام ثم كان شافعي العلم شريحي الحكم سحباني البيان سحار اللسان

وذكر الخطيب أن أبا صالح المؤذن وأبا بكر محمد بن يحيى بن إبراهيم النيسابوري أخبراه أن القاضي أبا عمر توفي بنيسابور سنة سبع وأربعمائة

وقال عبد الغافر الفارسي إنه توفي سنة يمان وأربعمائة وأعقب الموفق والمؤيد ولدين إمامين

ومن الرواية عنه

أخبرنا أبو محمد بن القيم سماعا عليه أن أبا الحسن بن البخاري أخبره عن عبد الواحد بن أبي المطهر الصيدلاني أخبرنا أبو سعيد بن أبي صالح الحافظ المؤذن أخبرنا السيد أبو القاسم علي بن الحسين بن القاسم قدم علينا من هراة سنة سبع وخمسين وأربعمائة أخبرنا القاضي أبو عمر محمد بن الحسين بن محمد البسطامي أخبرنا أحمد بن عبد الواحد بن الجارود الرقي بعسكر مكرم حدثنا يزيد بن سنان البصري بمصر حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا يحيى بن العلاء عن طلحة العقيلي عن الحسن ابن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله ‏(‏ نعم المفتاح الهدية أمام الحاجة ‏)‏

لم يرو هذا الحديث من حديث الحسن رضي الله عنه في شيء من الكتب الستة

321 محمد بن الحسين بن موسى الأزدي

أبو عبد الرحمن السلمي جدا لأنه سبط أبي عمرو إسماعيل بن نجيد السلمي

النيسابوري بلدا

كان شيخ الصوفية وعالمهم بخراسان

له اليد الطولى في التصرف والعلم الغزير والسير على سنن السلف

سمع من أبي العباس الأصم وأحمد بن علي بن حسنويه المقرىء وأحمد بن محمد بن عبدوس ومحمد بن أحمد بن سعيد الرازي صاحب ابن وارة وأبي ظهير عبد الله بن فارس العمري البلخي ومحمد بن المؤمل الماسرجسي والحافظ أبي علي الحسين

ابن محمد النيسابوري وسعيد بن القاسم البردعي وأحمد بن محمد بن رميح النسوي وجده أبي عمرو

روى عنه الحاكم أبو عبد الله وأبو القاسم القشيري وأبو بكر البيهقي وأبو سعيد ابن رامش وأبو بكر محمد بن يحيى المزكي وأبو صالح المؤذن وأبو بكر ابن خلف وعلى بن أحمد المديني المؤذن والقاسم بن الفضل الثقفي وخلق سواهم

وقع لنا الكثير من حديثه بعلو

واختلف في مولده فالمشهور أنه في رمضان سنة ثلاثين وثلاثمائة وقيل بل سنة خمس وعشرين وثلاثمائة

ذكره الحافظ عبد الغافر في السياق فقال شيخ الطريقة في وقته الموفق في جميع علوم الحقائق ومعرفة طريق التصوف وصاحب التصانيف المشهورة العجيبة في علم القوم وقد ورث التصوف عن أبيه وجده وجمع من الكتب ما لم يسبق إلى ترتيبه حتى بلغ فهرست تصانيفه المائة وأكثر

وحدث أكثر من أربعين سنة إملاء وقراءة

وكتب الحديث بنيسابور ومرو والعراق والحجاز

وانتخب عليه الحفاظ الكبار

توفي في شعبان سنة اثنتى عشرة وأربعمائة

ومن القول فيه له وعليه

قال الخطيب قال لي محمد بن يوسف النيسابوري القطان كان السلمي غير ثقة وكان يضع للصوفية

قال الخطيب قدر أبي عبد الرحمن عند أهل بلده جليل وكان مع ذلك محمودا صاحب حديث

قلت قول الخطيب فيه هو الصحيح وأبو عبد الرحمن ثقة ولا عبرة بهذا الكلام فيه

قال الخطيب وأخبرنا أبو القاسم القشيري قال كنت بين يدي أبي على قال كنت بين يدي أبي علي الدقاق فجرى حديث أبي عبد الرحمن السلمي وأنه يقوم في السماع موافقة للفقراء فقال أبو علي مثله في حاله لعل السكون أولى به امض إليه فستجده قاعدا في بيت كتبه وعلى وجه الكتب مجلدة صغيرة مربعة فيها أشعار الحسين بن منصور فهاتها ولا تقل له شيئا

قال فدخلت عليه فإذا هو في بيت كتبه والمجلدة بحيث ذكر أبو علي فلما قعدت أخذ في الحديث وقال كان بعض الناس ينكر على واحد من العلماء حركته في السماع فرئى ذلك الإنسان يوما خاليا في بيت وهو يدور كالمتواجد فسئل عن حاله فقال كانت مسألة مشكلة علي فتبين لي معناها فلم أتمالك من السرور حتى قمت أدور فقل له مثل هذا يكون حالهم

فلما رأيت ذلك منهما تحيرت كيف أفعل بينهما فقلت لا وجه إلا الصدق فقلت إن أبا علي وصف هذه المجلدة وقال احملها إلي من غير أن يعلم الشيخ وأنا أخافك وليس يمكنني مخالفته فأيش تأمر فأخرج أجزاء من كلام الحسين بن منصور وفيها تصنيف له سماه الصيهور في نقض الدهور وقال احمل هذه إليه

قلت الذي أفهمه من هذه الحكاية أن أبا عبد الرحمن يقول جوابا لأبي علي عن قوله إن مثله في حاله لعل السكون أولى به ما حاصله أن الحركة لم ينشيءها السماع وأنى ليست بحيث يأخذ مني السماع ولكن يعرض لي أمر لا مدخل للسماع فيه فيحصل معه من السرور ما يتعقبه بالحركة من غير تمالك ولا اختيار وليس للسماع هناك أثر لأن مثله يتفق للإنسان وهو خال في بيت مفرد ثم يوجد متواجدا لذلك فمثل هذا حالي وليس كما توهم في أن السماع يأخذ منمي فإن حالي كما ذكر أبو علي أرفع

وأما إرساله كتاب الصيهور في نقض الدهور فلعل فيه إشارة خفية بين الشيخين لم أفهمها ولم يكن والله أعلم أبو عبد الرحمن وإن أباح السماع بحيث يتأثر به

وقد أنكر بقلبه على أستاذه أبي سهل فيما حكاه الأستاذ أبو القاسم القشيري قال سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن يقول خرجت إلى مرو يعني من نيسابور في حياة الأستاذ أبي سهل الصعلوكي وكان له قبل خروجي أيام الجمعة بالغدوات مجلس دور القرآن يختم به فوجدته عند رجوعي قد رفع ذلك المجلس وعقد لابن العقابي في ذلك الوقت مجلس القول فداخلني من ذلك شيء وكنت أقول في نفسي قد استبدل مجلس الختم بمجلس القول فقال لي يوما أيش يقول الناس في قلت يقولون رفع مجلس القرآن ووضع مجلس القول

فقال من قال لأستاذه لم لا يفلح أبدا

وقال شيخنا أبو عبد الله الذهبي كان يعني السلمي وافر الجلالة له أملاك ورثها من أمه وورثتها هي من أبيها وتصانيفه يقال إنها ألف جزء وله كتاب سماه حقائق التفسير ليته لم يصنفه فإنه تحريف وقرمطة فدونك الكتاب فسترى العجب

انتهى

قلت لا ينبغي له أن يصف بالجلالة من يدعي فيه التحريف والقرمطة وكتاب حقائق التفسير المشار إليه قد كثر الكلام فيه من قبل أنه اقتصر فيه على ذكر تأويلات ومحال للصوفية ينبو عنها ظاهر اللفظ

322 محمد بن الحسين بن أبي أيوب الأستاذ حجة الدين أبو منصور المتكلم

تلميذ ابن فورك وختنه

وهو صاحب كتاب تلخيص الدلائل

توفي في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وأربعمائة

323 محمد بن داود بن محمد الداودي

أبو بكر شارح مختصر المزني

وهو الصيدلاني تلميذ الإمام أبي بكر القفال المروزي

كذا تحققناه بعد أن كنا شاكين فيه

قال ابن الرفعة أكثر النقل عنه في المطلب وتوهمه غير الصيدلاني

وقال في كلامه على دية الجنين ابن داود متقدم على القفال المروزي

ونقلت أنا ذلك عنه في الطبقات الوسطى والصغرى

ثم رأيت في الأنساب لابن السمعاني في ترجمة الداودي ما نصه وأبو المظفر سليمان بن داود بن محمد بن داود الصيدلاني المعروف بالداودي نسبة إلى جده الأعلى وهو نافلة الإمام أبي بكر الصيدلاني صاحب أبي بكر القفال انتهى

ثم وقفت على مجلدين من شرحه للمزني وفي أوله اسمه أبو بكر محمد بن داود المروزي المعروف بالصيدلاني

ثم وقع لي في شعبان سنة إحدى وسبعين وسبعمائة ربع الجنايات من شرحه وقد كتبه كاتبه في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة وقال إنه طريقة الشيخ أبي بكر القفال المروزي التي حررها الشيخ أبو بكر بن داود الداودي الصيدلاني

فتحققت بهذا أن الداودي هو الصيدلاني وهو الذي علق على المزني شرحا مسمى عند الخراسانيين بطريقة الصيدلاني لأنه علقه على طريقة القفال التي كان يسمعها عنه مع زيادات يذكرها من قبله وصرت على قطع من ذلك ولله الحمد

324 محمد بن زهير بن أخطل

أبو بكر النسائي إمام نسا وخطيبها

325 محمد بن سلامة بن جعفر بن علي القاضي أبو عبد الله القضاعي

الفقيه

قاضي مصر

مصنف أبا مسلم محمد بن أحمد الكاتب وأحمد بن ثرثال وأبا الحسن بن جهضم وأبا محمد بن النحاس وآخرين

روى عنه الحميدي وأبو سعيد عبد الجليل الساوي ومحمد بن محمد بن بركات السعيدي وسهل بن بشر الإسفرايني وأبو عبد الله الرازي في مشيخته والخطيب وابن ماكولا وآخرون

قال الأمير ابن ماكولا كان متفننا في عدة علوم ولم أر في مصر من يجري مجراه

وقال السلفي كان من الثقات الأثبات شافعي المذهب والاعتقاد مرضي الجملة

قلت وقد ذهب إلى الروم رسولا ومن عجيب ما اتفق له أنه لقي شيخا بمدينة القسطنطينية فسمع منه بها ثم حدث عنه

326 محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين بن موسى البسطامي الرزجاهي

ورزجاه بفتح الراء المهملة كذا ذكر أبو سعيد بن السمعاني

قال شيخنا الذهبي وقيل بضمها ثم سكون الزاي ثم جيم وفي آخرها هاء قرية من قرى بسطام

كان فقيها أديبا محدثا

تفقه على الأستاذ أبي سهل الصعلوكي وسمع أبا بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي وأبا أحمد بن عدي الجرجانيين وأبا أحمد الحاكم الحفاظ وأبا أحمد الغطريفي وأبا علي بن المغيرة

روى عنه الحافظ أبو بكر البيهقي وأبو عبد الله الثقفي وأبو سعيد بن أبي صادق وأبو الحسن علي بن محمد بن أحمد الفقاعي وآخرون

مولده سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة

وكان يجلس لإسماع الحديث والأدب وله حلقة

وانتقل في آخر عمره إلى بسطام ومات بها في ربيع الأول سنة ست وعشرين وأربعمائة

327 محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد

القاضي أبو عبد الله البيضاوي

ولي القضاء بربع الكرخ من بغداد

وحدث بيسير عن أبي بكر ابن مالك القطيعي والحسين بن محمد بن عبيد العسكري

قال الخطيب كتبت عنه وكان ثقة صدوقا دينا سديدا

وقال الشيخ أبو إسحاق تفقه على الداركي وحضرت مجلسه وعلقت عنه وكان ورعا حافظا للمذهب والخلاف موفقا في الفتاوي

انتهى

مات فجأة في ليلة الجمعة رابع عشر رجب سنة أربع وعشرين وأربعمائة

ودفن بمقبرة باب حرب

قال ابن الصلاح أظنه من بيضاء فارس

قال ابن الصلاح أيضا قرأت بخط القاضي أبي منصور بن الصباغ في كتابه كتاب الإشعار بمعرفة اختلاف علماء الأمصار وإذا رأى في ثوبه نجاسة ثم خفيت عليه فيما يغلب عليه ظني أني سمعت قاضي القضاة أبا عبد الله الدامغاني أو وجدته في كتابه أنه استفتي في هذه المسألة في زمان أبي عبد الله البيضاوي وأن جماعة فقهاء الوقت أفتوا بأنه يجب عليه غسل جميعه إلا البيضاوي فإنه أفتى بأنه يجب غسل ما رآه في الثوب فاستحسن ذلك منه

قال ابن الصلاح وهذا فيه غموض وكشفه أن النجاسة لم تحقق إلا فيما رأى فالاشتباه لا يتعداه فلا يتعداه الغسل إلى ما لم يره وهذا الخلاف خلاف ما يقال إذا أصاب الثوب نجاسة وخفي موضعها غسله كله

قلت هذا في الحقيقة ليس خلافا لما أفتوا به فإنه لو عرض عليهم لقبلوه وإنما الذهن السريع الإدراك يبادر إليه فهو دليل على حسن بديهة البيضاوي واتقاد ذهنه

ومثل هذا ما وقع في عصرنا وردت على فتيا صورتها رجل وقف على الفقراء والمساكين وابن ابنه فقير فهل يدفع إليه من مال الوقف ويكون أحق من الأجانب فكتبت الأفضل الدفع إليه

ووافقني جماعة من المفتين ثم حضرت والدي رحمه الله تعالى وقد وردت عليه الفتيا مشحونة بخطوط المفتين فكتب تحتهم في الوقت الحاضر الأجوبة المذكورة صحيحة بشرطين أحدهما أن لا يكون الوقف في مرض الموت ويكون ابن ابنه وارثا فمتى كان كذلك لا يصرف إليه شيء والثاني أن يحصل الصرف إلى خمسة سواه اثنين من الفقراء وثلاثة من المساكين ليحصل حقيقة الجمع التي دل عليها لفظ الفقراء ولفظ المساكين فإذا اجتمع هذان الشرطان كان الأفضل الصرف إليه

328 محمد بن عبد الله بن الحسين الإمام أبو الحسين بن اللبان

الفرضي الفقيه

إمام عصره في الفرائض وقسمة التركات

وله في ذلك التصانيف المشهورة

سمع أبا العباس الأثرم والحسن بن محمد بن عثمان الفسوي وأبا بكر بن داسة وغيرهم

وحدث ببغداد

سمع منه القاضي أبو الطيب محمد بن بكر الطبري سنن أبي داود سماعة من ابن داسة

عن أبي داود

قال الشيخ أبو إسحاق كان ابن اللبان إماما في الفقه والفرائض صنف فيها كتبا كثيرة ليس لأحد مثلها وعنه أخذ الناس

ممن أخذ عنه أبو أحمد بن أبي مسلم الفرضي وأبو الحسين أحمد بن محمد ابن يحيى الكازروني الذي لم يكن في زمانه أفرض منه ولا أحسب

انتهى

وقال الخطيب انتهى إليه علم الفرائض

وروي أنه كان يقول ليس في الدنيا فرضي إلا من أصحابي أو أصحاب أصحابي أبو لا يحسن شيئا

329 محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكيم الضبي الطهماني النيسابوري الحافظ أبو عبد الله الحاكم المعروف بابن البيع

صاحب التصانيف في علوم الحديث منها تاريخ نيسابور وهو عندي أعود التواريخ على الفقهاء بفائدة ومن نظره عرف تفنن الرجل في العلوم جميعها وله المستدرك على الصحيحين وعلوم الحديث وكتاب مزكي الأخبار وكتاب الإكليل وكتاب فضائل الشافعي وغير ذلك

كان إماما جليلا وحافظا حفيلا اتفق على إمامته وجلالته وعظم قدره

ولد صبيحة الثالث من شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة

وطلب العلم من الصغر باعتناء والده وخاله

فأول سماعه سنة ثلاثين

واستملى على أبي حاتم بن حبان سنة أربع وثلاثين

ورحل من نيسابور إلى العراق سنة إحدى وأربعين بعد موت إسماعيل الصفار بأشهر

وشيوخه الذين سمع منهم بنيسابور وحدها نحو ألف شيخ وسمع بغيرها من نحو ألف شيخ أيضا

وروى عن محمد بن علي المذكر ومحمد بن يعقوب الأصم ومحمد بن يعقوب بن الأخرم ومحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني الصفار نزيل نيسابور وأبي حامد بن حسنويه المقرىء وأبي بكر بن إسحاق الصبغي الفقيه وأبي النصر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه وأبي عمرو عثمان بن السماك وأبي بكر النجار وأبي علي النيسابوري الحافظ وبه تخرج وأبي الوليد الفقيه وعبد الباقي بن قانع الحافظ وخلق

وكتب عن غير واحد أصغر منه سنا وسندا

روى عنه أبو الحسن الدارقطني وهو من شيوخه وأبو الفتح بن أبي الفوارس وأبو ذر الهروي وأبو بكر البيهقي والأستاذ أبو القاسم القشيري وأبو صالح المؤذن وجماعة آخرهم أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي

وانتخب على خلق كثير

وتفقه على أبي علي بن أبي هريرة وأبي سهل الصعلوكي وأبي الوليد النيسابوري

وصحب في التصوف أبا عمر بن محمد بن جعفر الخلدي وأبا عثمان المغربي وجماعة

ورحل إليه من البلاد لسعة علمه وروايته واتفاق العلماء على أنه من أعلم الأئمة الذين حفظ الله بهم هذا الدين

وحدث عنه في حياته

وكتب أبو عمر الطلمنكي علوم الحديث للحاكم عن شيخ له سنة تسع وثمانين وثلاثمائة بسماعه من صاحب الحاكم عن الحاكم

كتب إلي أحمد بن أبي طالب عن جعفر الهمداني أخبرنا أبو طاهر السلفي قال سمعت إسماعيل بن عبد الجبار القاضي بقزوين يقول سمعت الخليل بن عبد الله الحافظ يقول فذكر الحاكم أبا عبد الله وعظمه وقال له رحلتان إلى العراق والحجاز الرحلة الثانية سنة ثمان وثلاثين وناظر الدارقطني فرضيه وهو ثقة واسع العلم بلغت تصانيفه قريبا من خمسمائة جزء

وقال أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي الحافظ إن الحاكم أبا عبد الله قلد قضاء نسا سنة تسع وخمسين في أيام السامانية ووزارة العتبي فدخل الخليل بن أحمد السجزي القاضي على أبي جعفر العتبي فقال هنأ الله الشيخ فقد جهز إلى نسا ثلاثمائة ألف حديث لرسول الله

فتهلل وجهه

قال وقلد بعد ذلك مشيختنا يقولون كان الشيخ أبو بكر بن إسحاق وأبو الوليد النيسابوري يرجعان إلى أبي عبد الله الحاكم في السؤال عن الجرح والتعديل وعلل الحديث وصحيحه وسقيمه

قال وأقمت عند الشيخ أبي عبد الله العصمي قريبا من ثلاث سنين ولم أر في جملة مشايخنا أتقى منه ولا أكثر تنقيرا فكان إذا أشكل عليه شيء أمرني أن أكتب إلى الحاكم أبي عبد الله وإذا ورد عليه جوابه حكم به وقطع بقوله وانتخب على المشايخ خمسين سنة

وحكى القاضي أبو بكر الحيري أن شيخا من الصالحين حكى أنه رأى النبي النوم قال فقلت له يا رسول الله بلغني أنك قلت ولدت في زمن الملك العادل وإني سألت الحاكم أبا عبد الله عن هذا الحديث فقال هذا كذب ولم يقله رسول الله ‏(‏ صدق أبو عبد الله ‏)‏

قال أبو حازم أول من اشتهر بحفظ الحديث وعلله بنيسابور بعد الإمام مسلم ابن الحجاج إبراهيم بن أبي طالب وكان يقابله النسائي وجعفر الفريابي ثم أبو حامد بن الشرقي وكان يقابله أبو بكر بن زياد النيسابوري وأبو العباس بن سعد ثم أبو علي الحافظ وكان يقابله أبو أحمد العسال وإبراهيم بن حمزة ثم الشيخان أبو الحسين الحجاج وأبو أحمد الحاكم وكان يقابلهما في عصرهما ابن عدي وابن المظفر والدارقطني

وتفرد الحاكم أبو عبد الله في عصرنا من غير أن يقابله أحد بالحجاز والشام والعراقين والجبال والري وطبرستان وقومس وخراسان بأسرها وما وراء النهر

هذا بعض كلام أبي حازم ذكره في حياة الحاكم وقال في آخره جعلنا الله لهذه النعمة من الشاكرين

وذكر أنه سمعه يقول شربت ماء زمزم وسألت الله أن يرزقني حسن التصنيف

وقال عبد الغافر الفارسي إن الحاكم اختص بصحبة إمام وقته أبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي وإنه كان يراجعه في الجرح والتعديل والعلل وأنه أوصى إليه في أمور مدرسته دار السنة وفوض إليه تولية أوقافه في ذلك

وسمعت مشايخنا يذكرون أيامه ويحكمون أن مقدمي عصره مثل الإمام أبي سهل الصعلوكي والإمام ابن فورك وسائر الأئمة يقدمونه على أنفسهم ويراعون حق فضله ويوفون له الحرمة الأكيدة بسبب تفرده بحفظه ومعرفته

وكان إذا حضر مجلس سماع محتو على مشايخ وصدور يؤنسهم بمحاضرته ويطيب أوقاتهم بحكاياته بحيث يظهر صفاء كلامه على الحاضرين فيأنسون بحضوره

قال محمد بن طاهر الحافظ سألت سعدا الزنجاني الحافظ بمكة قلت له أربعة من الحفاظ تعاصروا أيهم أحفظ فقال من قلت الدارقطني ببغداد وعبد الغني بمصر وأبو عبد الله بن مندة بأصبهان وأبو عبد الله الحاكم بنيسابور

فسكت فألححت عليه فقال أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل وأما عبد الغني فأعلمهم بالأنساب وأما ابن مندة فأكثرهم حديثا مع معرفة تامة وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفا

وحكي أن أبا الفضل الهمذاني الأديب لما ورد نيسابور وتعصبوا له ولقب بديع الزمان أعجب بنفسه إذ كان يحفظ المائة بيت إذا أنشدت بين يديه مرة وينشدها من آخرها إلى أولها مقلوبة فأنكر على الناس قولهم فلان الحافظ في الحديث ثم قال وحفظ الحديث مما يذكر

فسمع به الحاكم ابن البيع فوجه إليه بجزء وأجله جمعة في حفظه فرد إليه الجزء بعد الجمعة وقال من يحفظ هذا محمد بن فلان وجعفر بن فلان عن فلان أسامي مختلفة وألفاظ متباينة

فقال له الحاكم فاعرف نفسك واعلم أن حفظ هذا أضيق مما أنت فيه

تذاكرنا يوما روى سليمان التيمي عن أنس فمررت أنا في الترجمة وكان بحضرة أبي علي وجماعة من المشايخ إلى أن ذكرت حديث ‏(‏ لا يزني الزاني وهو مؤمن ‏)‏ فحمل بعضهم علي فقال أبو علي له لا تفعل فما رأيت أنت ولا نحن في سنه مثله وأنا أقول إذا رأيته رأيت ألف رجل من أصحاب الحديث

وروى أبو موسى المديني أن الحاكم أبا عبد الله دخل الحمام واغتسل وخرج وقال آه وقبض روحه وهو متزر لم يلبس قميصه بعد وذلك في ثالث صفر سنة خمس وأربعمائة يوم الأربعاء

ودفن بعد العصر وصلى عليه القاضي أبو بكر الحيري

وقال الحسن بن أشعث القرشي رأيت الحاكم في المنام على فرس في هيئة حسنة وهو يقول النجاة

فقلت له أيها الحاكم فيما ذا

قال في كتبة الحديث

قلت كذا صح وثبتت وفاته سنة خمس وأربعمائة ووهم من قال سنة ثلاث وأربعمائة رحمه الله

ذكر البحث عما رمي به الحاكم من التشيع وما زادت أعداؤه ونقصت أوداؤه رحمه الله تعالى والنصفة بين الفئتين

أول ما ينبغي لك أيها المنصف إذا سمعت الطعن في رجل أن تبحث عن خلطائه والذين عنهم أخذ ما ينتحل وعن مرباه وسبيله ثم تنظر كلام أهل بلده وعشيريته من معاصريه العارفين به بعد البحث عن الصديق منهم له والعدو الخالي عن الميل إلى إحدى الجهتين وذلك قليل في المتعارصرين المجتمعين في بلد

وقد رمي هذا الإمام الجليل بالتشيع وقيل إنه يذهب إلى تقديم علي من غير أن يطعن في واحد من الصحابة رضي الله عنهم فنظرنا فإذا الرجل محدث لا يختلف في ذلك وهذه العقيدة تبعد على محدث فإن التشيع نادر وإن وجد في أفراد قليلين

ثم نظرنا مشايخه الذين أخذ عنهم العلم وكانت له بهم خصوصية فوجدناهم من كبار أهل السنة ومن المتصلبة في عقيدة أبي الحسن الأشعري كالشيخ أبي بكر بن إسحاق الصبغي والأستاذ أبي بكر بن فورك والأستاذ أبي سهل الصعلوكي وأمثالهم وهؤلاء هم الذين كان يجالسهم في البحث ويتكلم معهم في أصول الديانات وما يجري مجراها

ثم نظرنا تراجم أهل السنة في تاريخه فوجدناه يعطيهم حقهم من الإعظام والثناء مع ما ينتحلون وإذا شيءت فانظر ترجمة أبي سهل الصعلوكي وأبي بكر بن إسحاق وغيرهما من كتابه ولا يظهر عليه شيء من الغمز على عقائدهم وقد استقريت فلم أجد مؤرخا ينتحل عقيدة ويخلو كتابه عن الغمز ممن يحيد عنها سنة الله في المؤرخين وعادته في النقلة ولا حول ولا قوة إلا بحبله المتين

ثم رأينا الحافظ الثبت أبا القاسم بن عساكر أثبته في عداد الأشعريين الذين يبدعون أهل التشيع ويبرءون إلى الله منهم فحصل لنا الريب فيما رمي به هذا الرجل على الجملة

ثم نظرنا تفاصيله فوجدنا الطاعنين يذكرون أن محمد بن طاهر المقدسي ذكر أنه سأل أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري عن الحاكم أبي عبد الله فقال ثقة في الحديث رافضي خبيث وأن ابن طاهر هذا قال إنه كان شديد التعصب للشيعة في الباطن وكان يظهر التسنن في التقديم والخلافة وكان منحرفا غاليا عن معاوية وأهل بيته يتظاهر به ولا يتعذر منه

فسمعت أبا الفتح ابن سمكويه بهراة يقول سمعت عبد الواحد المليحي يقول سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول دخلت على أبي عبد الله الحاكم وهو في داره لا يمكنه الخروج إلى المسجد من أصحاب أبي عبد الله بن كرام وذلك أنهم كسروا منبره ومنعوه من الخروج فقلت له لو خرجت وأمليت في فضائل هذا الرجل حديثا لاسترحت من هذه الفتنة

فقال لا يجيء من قلبي

يعني معاوية

وأنه قال أيضا سمعت أبا محمد بن السمرقندي يقول بلغني أن مستدرك الحاكم ذكر بين يدي الدارقطني فقال نعم يستدرك عليهما حديث الطير

فبلغ ذلك الحاكم فأخرج الحديث من الكتاب

هذا ما يذكره الطاعنون وقد استخرت الله كثيرا واستهديته التوفيق وقطعت القول بأن كلام أبي إسماعيل وابن الطاهر لا يجوز قبوله في حق الإمام لما بينهم من مخالفة العقيدة وما يرميان به من التجسيم أشهر مما يرمى به الحاكم من الرفض ولا يغرنك قول أبي إسماعيل قبل الطعن فيه إنه ثقة في الحديث فمثل هذا الثناء يقدمه من يريد الإزراء بالكبار قبل الإزراء عليهم ليوهم البراءة من الغرض وليس الأمر كذلك

والغالب على ظني أن ما عزي إلى أبي عبد الرحمن السلمي كذب عليه ولم يبلغنا أن الحاكم ينال من معاوية ولا يظن ذلك فيه وغاية ما قيل فيه الإفراط في ولاء علي كرم الله وجهه ومقام الحاكم عندنا أجل من ذلك

وأما ابن كرام فكان داعية إلى التجسيم لا ينكر أحد ذلك ثم إن هذه حكاية لا يحكيها إلا هذا الذي يخالف الحاكم في المعتقد فكيف يسع المرء بين يدي الله تعالى أن يقبل قوله فيها أو يعتمد على نقله ثم أنى له اطلاع على باطن الحاكم حتى يقضي بأنه كان يتعصب للشيعة باطنا

وأما ما رواه الرواة عن الدارقطني إن صح فليس فيه ما يرمي به الحاكم بل غايته أنه استقبح منه ذكر حديث الطير في المستدرك وليس هو بصحيح فهو يكثر من الأحاديث التي أخرجها في المستدرك واستدركت عليه

ثم قول ابن طاهر إن الحاكم أخرج من حديث الطير من المستدرك فيه وقفة فإن حديث الطير موجود في المستدرك إلى الآن وليته أخرجه منه فإن إدخاله فيه من الأوهام التي تستقبح

ثم لو دلت كلمة الدارقطني على وضع من الحاكم لم يعتد بها لما ذكر الخطيب في تاريخه من أن الأزهري حدثه أن الحاكم ورد بغداد قديما ذكر لي أن حافظكم يعني الدارقطني خرج لشيخ واحد خمسمائة جزء فأروني بعضها فحمل إليه منها

وذلك مما خرجه لأبي إسحاق الطبري فنظر في أول الجزء الأول حديثا لعطية العوفي فقال استفتح بشيخ ضعيف ثم رمى الجزء من يده ولم ينظر في الباقي

فهذه كلمة من الحاكم في الدارقطني تقابل كلمة الدارقطني فيه وليس على واحد منها فضاحة غير أنه يؤخذ منهما أنه قد يكون بينهما ما قد يكون بين الأقران وقد قدمنا في الطبقة الأولى في ترجمة أحمد بن صالح أن كلام النظير في النظير عند ذلك غير مقبول ولا يوجب طعنا على القائل ولا المقول فيه وحققنا في ذلك جملة صالحة وذلك كله بتقدير ثبوت الحكاية وأن فيها تعريضا من الدارقطني بغمز الحاكم بسوء العقيدة ولا يسلم واحد من الأمرين وإنما فيها عندنا الغمز من كتاب المستدرك لما فيه مما يستدرك وهو غمز صحيح

ثم قال ابن طاهر وسمعت المظفر بن حمزة بجرجان يقول سمعت أبا سعد الماليني يقول طالعت المستدرك فلم أجد فيه حديثا على شرط الشيخين

قلت ليس في هذا تعرض للتشيع بنفي ولا إثبات ثم هو غير مسلم

قال شيخنا الذهبي بل هو من غلو و إسراف من الماليني ففي المستدرك جملة وافرة على شرطهما وجملة كبيرة على شرط أحدهما

قال شيخنا الذهبي لعل مجموع ذلك نحو نصف الكتاب

قال وفيه نحو الربع صح سنده وإن كان فيه علة

قال وما بقي وهو نحو الربع فهو مناكير وواهيات لا تصح وفي بعض ذلك موضوعات

ثم ذكر ابن طاهر أنه رأى بخط الحاكم حديث الطير في جزء ضخم جمعه

وقال وقد كتبته للتعجب

قلنا وغاية جمع هذا الحديث أن يدل على أن الحاكم يحكم بصحته ولولا ذلك لما أودعه المستدرك ولا يدل ذلك منه على تقديم علي رضي الله عنه على شيخ المهاجرين والأنصار أبي بكر الصديق رضي الله عنه إذ له معارض أقوى لا يقدر على دفعه وكيف يظن بالحاكم مع سعة حفظه تقديم علي ومن قدمه على أبي بكر فقد طعن على المهاجرين والأنصار فمعاذ الله أن يظن ذلك بالحاكم ثم ينبغي أن يتعجب من ابن طاهر في كتابه هذا الجزء مع اعتقاده بطلان الحديث ومع أن كتابته سبب شياع هذا الخبر الباطل واغترار الجهال به أكثر مما يتعجب من الحاكم ممن يخرجه وهو يعتقد صحته

وحكى شيخنا الذهبي كلام ابن طاهر وذيل عليه أن للحاكم جزءا في فضائل فاطمة وهذا لا يلزم منه رفض ولا تشيع ومن ذا الذي ينكر فضائلها رضي الله عنها فإن قلت فهل ينكر أن يكون عند الحاكم شيء من التشيع قلت الآن حصحص الحق والحق أحق أن يتبع وسلوك طريق الإنصاف أجدر بذوي العقل من ركوب طريق الاعتساف

فأقول لو انفرد ما حكيته عن أبي إسماعيل وعن ابن طاهر لقطعت بأن نسبة التشيع إليه كذب عليه ولكني رأيت الخطيب أبا بكر رحمه الله تعالى قال فيما أخبرني به محمد بن إسماعيل المسند إذنا خاصا والحافظ أبو الحجاج المزي إجازة قالا أخبرنا مسلم بن محمد بن علان قال الأول إجازة وقال الثاني سماعا أخبرنا أبو اليمن الكندي أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر الخطيب قال أبو عبد الله بن البيع الحاكم كان ثقة أول سماعه في سنة ثلاثين وثلاثمائة وكان يميل إلى التشيع فحدثني إبراهيم بن محمد الأرموي بنيسابور وكان صالحا عالما قال جمع أبو عبد الله الحاكم أحاديث وزعم أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم منها حديث الطير ومن كنت مولاه فعلي مولاه فأنكر عليه أصحاب الحديث ذلك ولم يلتفتوا إلى قوله

انتهى

قلت والخطيب ثقة ضابط فتأملت مع ما في النفس من الحاكم من تخريجه حديث الطير في المستدرك وإن كان خرج أشياء غير موضوعة لا تعلق لها بتشيع ولا غيره فأوقع الله في نفسي أن الرجل كان عنده ميل إلى علي رضي الله عنه يزيد على الميل الذي يطلب شرعا ولا أقول إنه ينتهي به إلى أن يضع من أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ولا إنه يفضل عليا على الشيخين بل أستبعد أن يفضله على عثمان رضي الله عنهما فإني رأيته في كتابه الأربعين عقد بابا لتفضيل أبي بكر وعمر وعثمان واختصهم من بين الصحابة وقدم في المستدرك ذكر عثمان على علي رضي الله عنهما وروى فيه من حديث أحمد بن أخي ابن وهب حدثنا عمي حدثنا يحيى بن أيوب حدثنا هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة قالت أول حجر حمله النبي المسجد ثم حمل أبو بكر ثم حمل عمر حجرا ثم حمل عثمان حجرا فقلت يا رسول الله ألا ترى إلى هؤلاء كيف يسعدونك فقال ‏(‏ يا عائشة هؤلاء الخلفاء من بعدي ‏)‏

قال الحاكم على شرطهما وإنما اشتهر من رواية محمد بن الفضل بن عطية فلذلك هجر

قلت وقد حكم شيخنا الذهبي في كتابه تلخيص المستدرك بأن هذا الحديث لا يصح لأن عائشة لم يكن النبي بها إذ ذاك

قال وأحمد منكر الحديث وإن كان مسلم خرج له في الصحيح ويحيى وإن كان ثقة فيه ضعف

قلت فمن يخرج هذا الحديث الذي يكاد يكون نصا في خلافة الثلاثة مع ما في إخراجه من الاعتراض عليه يظن به الرفض

وخرج أيضا في فضائل عثمان حديث لينهض كل رجل منكم إلى كفئه فنهض النبي عثمان وقال ‏(‏ أنت ولي في الدنيا والآخرة ‏)‏ وصححه مع أن في سنده مقالات

وأخرج غير ذلك من الأحاديث الدالة على أفضلية عثمان مع ما في بعضها من الاستدراك عليه وذكر فضائل طلحة والزبير وعبد الله بن عمرو بن العاص فقد غلب على الظن أنه ليس فيه ولله الحمد شيء مما يستنكر عليه إفراط في ميل لا ينتهي إلى بدعة

وأنا أجوز أن يكون الخطيب إنما يعني بالميل إلى ذلك ولذلك حكم بأن الحاكم ثقة ولو كان يعتقد فيه رفضا لجرحه به لا سيما على مذهب من يرى رد رواية المبتدع مطلقا فكلام الخطيب عندنا يقرب من الصواب

وأما قول من قال إنه رافضي خبيث ومن قال إنه شديد التعصب للشيعة فلا يعبأ بهما كما عرفناك

هذا ما ظهر لي والله أعلم

وحكى شيخنا الذهبي أن الحاكم سئل عن حديث الطير فقال لا يصح ولو صح لما كان أحد أفضل من علي بعد رسول الله

ثم قال شيخنا وهذه الحكاية سندها صحيح فما باله أخرج حديث الطير في المستدرك

ثم قال فلعله تغير رأيه

قلت وكلام شيخنا حق وإدخاله حديث الطير في المستدرك مستدرك وقد جوزت أن يكون زيد في كتابه وألا يكون هو أخرجه وبحثت عن نسخ قديمة من المستدرك فلم أجد ما ينشرح الصدر لعدمه وتذكرت قول الدارقطني إنه يستدرك حديث الطير فغلب على ظني أنه لم يوضع عليه ثم تأملت قول من قال إنه أخرجه من الكتاب فجوزت أن يكون خرجه ثم أخرجه من الكتاب وبقي في بعض النسخ فإن ثبت هذا صحت الحكايات ويكون خرجه في الكتاب قبل أن يظهر له بطلانه ثم أخرجه منه لاعتقاده عدم صحته كما في هذه الحكاية التي صحح الذهبي سندها ولكنه بقي في بعض النسخ إما لانتشار النسخ بالكتاب أو لإدخال بعض الطاعنين إياه فيه فكل هذا جائز والعلم عند الله تعالى

وأما الحكم على حديث الطير بالوضع فغير جيد ورأيت لصاحبنا الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي عليه كلاما قال فيه بعد ما ذكر تخريج الترمذي له وكذلك النسائي في خصائص علي رضي الله عنه إن الحق في الحديث أنه ربما ينتهي إلى درجة الحسن أو يكون ضعيفا يحتمل ضعفه

قال فأما كونه ينتهي إلى أنه موضوع من جميع طرقه فلا

قال وقد خرجه الحاكم من رواية محمد بن أحمد بن عياض قال حدثنا أبي حدثنا يحيى بن حسان عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن أنس رضي الله تعالى عنه

قال ورجال هذا السند كلهم ثقاة معروفون سوى أحمد بن عياض فلم أر من ذكره بتوثيق ولا جرح

ويقرب من حديث الطير حديث علي خير البشر من أبي فقد كفر

أخرجه الحاكم أيضا فقال حدثنا عبد الله بن محمد أبو عبد الله الهاشمي قال قلت للحر بن سعيد النخعي أحدثك شريك قال حدثني شريك عن أبي إسحاق عن أبي وائل عن حذيفة قال قال رسول الله

وهو مما ينكر على الحاكم إخراجه

وقد رواه الخطيب أبو بكر من وجه آخر فقال أخبرنا الحسن بن أبي طالب حدثنا محمد بن إسحاق القطيعي حدثني أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى صاحب كتاب النسب حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عبد الرزاق حدثنا الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي بلفظه إلا أن الخطيب تعقبه بقوله هذا حديث منكر ما رواه سوى العلوي بهذا الإسناد وليس بثابت

ولم يعجب شيخنا الذهبي اقتصار الخطيب على هذه العبارة وقال ينبغي أني يأتي بأبلغ منها مما يدل على أن هذا حديث جلي البطلان

وأخرج الحاكم أيضا حديث محمد بن دينار من أهل الساحل في شأن تزوج علي بفاطمة رضي الله عنها أخرجه بطوله ساكتا وهو موضوع ولعل واضعه محمد بن دينار فإنه الذي يقال له العرقي لا يعرف

330 محمد بن عبد الله بن مسعود بن أحمد بن محمد بن مسعود المسعودي

الإمام أبو عبد الله المروزي

أحد أئمة أصحاب القفال المروزي

كان إماما مبرزا زاهدا ورعا حافظا للمذهب

شرح مختصر المزني

وسمع القليل من أستاذه أبي بكر القفال

وتوفي نيف وعشرين وأربعمائة بمرو

وقال ابن الصلاح وحكاية من صحب القفال من الأئمة عن المسعودي تشعر بجلالة قدره

قلت كان المسعودي إن لم يكن من أقران القفال كما دل عليه كلام الفوراني في خطبة الإبانة فهو من أكبر تلامذته والذي يقع لي أنه من أقران الصيدلاني وفوق درجة الفوراني

وسئل القفال وهو يتكلم عن العوام عن رجل حلف بطلاق زوجته لا يأكل البيض فلقيه إنسان وفي كمه شيء فقال إن لم آكل مما في كم فلان فامرأتي طالق وكان الذي في كمه البيض فما الحيلة في ألا يقع طلاقه

ففكر القفال ولم يحضره الجواب فلما نزل قال المسعودي يجعل ذلك البيض في القبيطاء يعني الحلاوة الناطف ثم يأكله ولا يقع طلاقه

قلت ومما حكاه الفوراني عن المسعودي في العمد أن المصلي صلاة العيد يقول بين كل تكبيرتين من التكبيرات الزوائد سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك وجل ثناؤك ولا إله غيرك

وقد نقله النووي في زيادة الروضة عن المسعودي

لكن في نقل الفرواني إياه عن المسعودي كما نقل مسألة الناطف مما يشعر بجلالة المسعودي ورب قرين لقوم يكاد يكون لهم شيخا فهو يبتسم وبين الشيخ الأستاذ كالمعبد فكأن المسعودي كان معيدا بين يدي القفال فكذلك كان صاحب التقريب بين يدي والده القفال الكبير ولذلك كان تلامذة أبيه كالحليمي يرجعون إليه

البحث عن حال المسعودي المتكرر ذكره في كتاب البيان

قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح كل ما يوجد في كتاب البيان للعمراني منسوبا إلى المسعودي فإنه غير صحيح النسبة وإنما المراد به صاحب الإبانة أبو القاسم الفوراني

قال وذلك أن الإبانة وقعت في اليمن منسوبة إلى المسعودي على جهة الغلط لتباعد الديار

قلت وقال أبو عبد الله الطبري صاحب العدة في أولها بعد أن ذكر ما ذكره ابن الصلاح إن الإبانة تنسب في بعض بلاد خراسان إلى الصفار وفي بعضها إلى الشاشي وما ذكره ابن الصلاح من أن كل ما يوجد عن المسعودي في البيان فهو عن الإبانة مشكل بمواضع

منها أن صاحب البيان نقل فيه أن المسعودي قال إذا اشترى مالا شفعة فيه أصلا لا بالأصالة ولا بالتبعية كالسيف وما فيه شفعة أنه لا تثبت الشفعة في الشقص لتفرق الصفقة في الشقص على المشتري

وقد كشف الإبانة فلم أجد ذلك فيها ولعلنا نزيد الكلام على هذا الوجه بسطة في ترجمة ابن أبي الدم إذا أنتهينا إليها إن شاء الله تعالى

ومنها نقل في البيان عن المسعودي أنه إذا ابتاع بثمن مؤجل فله أن يبيع ولا يخبر بالأجل وهذا يوافقه قول سليم في المجرد إنه يكره له أن يبيعه ولا يذكر الأجل

وقد صرح الروياني في البحر بحكايته وجها عن الخراساني إلا أني كشفت الإبانة للفوراني فلم أر ذلك فيها

ومنها قال في البيان قال المسعودي في الأب هل يزوج ابنه الصغير وجهان الأصح لا لأنه لا حاجة له إليه

وهذا لم يوجد في الإبانة

وقد وقع الروضة أن الفوراني وجها وصححه أن الأب لا يملك تزويج الابن الصغير العاقل

قال وهو غلط

قال ابن الرفعة في المطلب ولم أر الوجه المذكور في الإبانة هنا

قلت ما أظن النووي أتي إلا من قبل ابن الصلاح فإنه لما استقر في نفسه ما ذكره من أن كل ما ينسب في البيان إلى المسعودي فهو إلى الفوراني ووجد هذا منسوبا إلى المسعودي نسبه إلى الفوراني وهو مكان كيس قد ذكرناه مع نظائر له في الكتاب الذي لقبناه خدم الرافعي في باب وهم على وهم

ومن الغلط عن المسعودي

نقل ابن يونس في شرح التنبيه عن المسعودي أنه لا يسمع شهادة الفرع إلا عند موت شهود الأصل

وهذا تصحيف إنما هو الشعبي أما أصحابنا فلم يقل منهم بذلك قائل لا المسعودي ولا غيره

نبه عليه ابن الرفعة في المطلب

331 محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي أبو عمر النسوي

أقضى القضاة

ولد سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة

وكان يعرف بالقاضي الرئيس

وذكره كل واحد من عبد الله بن محمد الجرجاني في طبقات الشافعية وأبي سعد السمعاني في الذيل ومحمود الخوارزمي في تاريخ خوارزم

قال الجرجاني هو قاضي القضاة الحسن الداماني النسوي

ثم رحل إلى العراق ومصر وحصل العلم

وولاه أمير المؤمنين القائم بأمر الله القضاء بالنواحي المذكورة ولقبه بأقضى القضاة

صنف كتبا في الفقه والتفسير حسن السيرة في القضاء مرضي الطريقة

وقال ابن السمعاني هو المعروف بالقاضي الرئيس كان من أكابر أهل عصره فضلا وحشمة وقبولا عند الملوك

بعث رسولا إلى دار الخلافة ببغداد من جهة الأمير طغرلبك

وله آثار وجدت بخراسان وخوارزم وولي قضاء مدة وبنى بها مدرسة

سافر الكثير وسمع بنيسابور الإمام أبا إسحاق الإسفرايني الجرجاني وأبا معمر الإسماعيلي وبمصر أبا عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف الفراء

وبدمشق أبا الحسين بن علي بن موسى السمسار

وبمكة أبا ذر الهروي

وبنسا أبا بكر محمد بن زهير بن أخطل النسائي

وأملى المجلس وتكلم على الأحاديث

وروى عنه أبو عبد الله الفراوي وعبد المنعم القشيري وغيرهم

وقال الخوارزمي فاق أهل عصره فضلا وإفضالا وتقدم على أبناء دهره رتبة وجلالة وحشمة ونعمة وقولا وإقبالا له الفضل الوافر في فنون العلوم الدينية وأنواعها الشرعية وكان لغويا نحويا مفسرا مدرسا فقيها مفتيا مناظرا شاعرا محدثا

إلى أن قال وله الدين المتين الوازع عن ارتكاب ما يشين

إلى أن قال وكان سلاطين السلجوقية يعتمدونه فيما يعن لهم من المهمات

وذكر أن السلطان ملك شاه بن أرسلان استحضره بإشارة نظام الملك من خوارزم إلى أصبهان وجهزه إلى الخليفة ليخطب له ابنته فلما مثل بين يدي الخليفة وضعوا له كرسيا جلس عليه والخليفة على السرير فلما بلغ من إبلاغ الرسالة نزل عن السرير وقال هذه الرسالة وبقيت النصيحة

قال قل

قال لا تخلط بيتك الطاهر النبوي بالتركمانية

فقال الخليفة سمعنا رسالتك وقبلنا نصيحتك

فرجع عن حضرة الخليفة وقد بلغ نظام الملك الخبر قبل وصلوله إليه فلما دخل إلى أصبهان قال له دعوناك من خوارزم لإصلاح أمر أفسدته

فقال قال رسول الله ‏(‏ الدين النصيحة وأنا لا أبيع الدين بالدنيا ولم تنتقص حشمته بذلك ‏)‏

ومن شعره قوله

من رام عند الإله منزلة ** فليطع الله حق طاعته

وحق طاعاته القيام بها ** مبالغا فيه وسع طاقته

ومنه

اتخذ طاعة الإله سبيلا ** تجد الفوز بالجنان وتنجو

وأترك الإثم والفواحش طرا ** يؤتك الله ما تروم وترجو

قال محمود الخوارزمي ولم يكن له كل قضاء خوارزم إنما كان قاضيا بالجانب الشرقي منها

قال وكان أبو القاسم محمود الزمخشري يحكي أنه كان لا يذكر أحدا إلا بخير وأنه ذكر له فقيه كثير المساوىء فقال لا تقولوا ذلك فإنه يتعمم حسنا يعني لم يجد وصفا جميلا إلا حسن عمته فذكره به

وتوفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة

ولم يذكره ابن النجار

332 محمد بن عبد الرزاق الماخواني

المذكور في أوائل الباب الثاني في أركان الطلاق من شرح الرافعي

من قرية ماخوان بضم الخاء المعجمة وبالنون من قرى مرو

وهو الإمام الكبير أبو الفضل المروزي

قال ابن السمعان إمام فاضل متبحر في مذهب الشافعي

تفقه على أبي طاهر الشنجي

وروى الحديث عن أبي علي السنجي

روى لنا عنه ابناه عتيق وعبد الرازق وعبد الرحمن بن علي العمي العدل وغيرهم

توفي سنة ست وتسعين وأربعمائة

333 محمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن محمد أبو عبد الرحمن النيلي أحد أئمة خراسان

كان فقيها صالحا زاهدا وله ديوان شعر

حدث عن أبي عمرو بن حمدان وأبي احمد الحاكم وغيرهما

روى عنه إسماعيل بن عبد الغافر وأحمد بن عبد الملك المؤذن وغيرهما

وأملى الحديث مدة وعمر ثمانين سنة

مات سنة ست وثلاثين وأربعمائة

ومن الفوائد عنه

أخبرنا الحافظ أبو العباس بن المظفر بقراءتي عليه أخبرنا أحمد بن هبة الله بن عساكر بقراءتي عليه أخبرنا أبو المظفر بن السمعاني إجازة أخبرنا الجنيد بن محمد القايني أنبأنا أبو الفضل الطبسي أنبأنا أبو عبد الرحمن النيلي فيما أنشده لنفسه

ما حال من أسر الهوى ألبابه ** ما حل من كسر التصابي بابه

نادى الهوى أسماعه فأجابه ** حتى إذا ما جاز أغلق بابه

أهوى لتمزيق الفؤاد فلم يجد ** في صدره قلبا فشق ثيابه